
أخبار ليبيا 24
تعتبر بعض الكهوف في وادي زازا من أهم المواقع في ليبيا التي سكنها الأنسان منذ فترة ما قبل التاريخ وترك خلفه أثارا ورسومات في تلك المنطقة.
ويقع المدخل الشمالي لوادي زازا جنوب منطقتي برسس والمبني شرق مدينة بنغازي بمسافة تقدر بحوالي ستون كيلومترا.
ويعتبر وادي زازا من أطول الأودية غرب الجبل الأخضر حيث يبلغ طوله حوالي 120 كيلومترا ويمتد من المناطق الجنوبية أعلى الجبل عند الحمدة والمليطانية ويصل حتى شاطئ البحر ويصب في السبخات غرب مدينة توكرة.
وفي المدخل الشمالي لوادي زازا يوجد سد لحجز المياه الموسمية الأمر الذي وفر بيئة نشطة لبعض أنواع الطيور والحيوانات، كما يحوي الغطاء النباتي للوادي أنواعا من الأشجار التي تنتشر في الجبل الأخضر بالإضافة الى أشجار الزيتون.

نقوش صخرية لعصور ما قبل التاريخ
ويعد وادي زازا (جازا) من أهم مواقع النقوش الصخرية التي ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث وجدت النقوش على جدران كهفين الأول هو كهف يقع جنوب الوادي يعرف بحجف القطارة في عام 1972 والثاني هو الكهف الشمالي الذي كشف عنه عام 1990 عن طريق مكتب آثار توكرة.
ويقع الكهف الشمالي أعلى الجرف الغربي لمدخل الوادي عند السد ويعرف هذا الكهف محليا بكهف طاهر وهو عبارة عن فجوة عرضية يقدر عمقها بحوالي ثلاثة أمتار فيما يقدر عرضها بأكثر من عشرة أمتار، وسد مدخل هذه الفجوة بصخرة يرجح أنها سقطت من أعلى ووفرت لسكان الكهف وسيلة لحماية مدخله الواسع.
كهف النعامة
كهف طاهر اكتشف عن طريق الصدفة عام 1990 عندما كان فريق من مكتب مراقبة آثار توكرة يترأسهم الدكتور خالد الهدار رفقة الباحث الليبي الدكتور سعد بوحجر في طريقهم للبحث عن الكهف الجنوبي المعروف باسم كهف الطيور فعثروا بالصدفة عليه قرب مدخل الوادي الشمالي واكتشفوا أن به رسوما ونقوشا تعود لفترة ما قبل التاريخ، وأطلق الفريق بعدها اسم كهف النعامة عليه بسبب وجود نقش كبير لطائر النعامة على الجدار الجنوبي.

ويعتبر الكشف عن نقش لطائر النعامة يعود لحقبة ما قبل التاريخ هو الأول من نوعه في شرق ليبيا، كما تظهر العديد من النقوش الأخرى على الجدار المقابل للمدخل ولم يعثر على أي نقوش على السقف ويرجح البحاث أن الموقع استغل من قبل الإغريق والرومان لعثورهم على بقايا فخارية ترجع لتلك الفترة.

وانتشرت بقايا متناثرة من القطع الفخارية أمام الكهف بالإضافة إلى وجود صهريج مبطن بجانب الكهف ربما استغل للتخزين.
الصدفة قادت إلى اكتشاف أثري جديد
وقال الدكتور خالد الهدار: “إن اكتشاف الكهف كان بمحض الصدفة فقد كنا في طريقنا للبحث عن كهف آخر في جنوب الوادي مسجل لدى علماء الآثار أن به رسوما ونقوشا ترجع لفترة ما قبل التاريخ, ولكن لم يتم تحديد موقعه على وجه الدقة لهذا أخذنا بالبحث عنه بدءا من المدخل الشمالي للوادي برفقة الباحث الدكتور سعد بوحجر وعدد من فريق مكتب آثار توكرة وقد عثرنا على هذا الكهف”.

وتابع الهدار: “إن النقوش والرسوم التي بالكهف لا تشبه تلك التي وصفها ووثقها العلماء لكهف حجف القطارة أو كهف الطيور عندها علمنا أننا عثرنا على اكتشاف جديد فأطلقنا عليه اسم كهف النعامة لوجود نقش كبير لطائر النعامة وهو النقش الوحيد من نوعه في الإقليم وفي شرق ليبيا الذي يوثق لطائر النعامة قبل أن نعلم التسمية المحلية للكهف فقد كان السكان يطلقون عليه اسم كهف طاهر”.
وأوضح الهدار أن الكهف به نقوشا ترجع إلى فترتين حضاريتين وترجع الأقدم إلى عصر الرعي وإلى الحضارة القفصية أو أقدم من ذلك وتمثلت النقوش في حيوانات متنوعة من بينها نعامة تعدو باتجاه اليسار، وهناك بقرة خلفها وعجل يركض نحوها، ومشهد بقرة أخرى بالإضافة إلى ثلاثة غزلان أحدهم صغير.

وأضاف الهدار: يُلاحظ وجود بعض الطيور والحيوانات الأخرى المنقوشة ولكنها غير واضحة، وقد ظهرت هذه الحيوانات في مشاهد متنوعة أغلبها متحركة وليست ثابتة، ويمكن مقارنتها بالرسوم الصخرية في منطقة الأكاكاوس وغيرها من مواقع الفن الصخري في ليبيا.
نقوش كهف طاهر أو كهف النعامة
النقوش الصخرية الأحدث زمنا هي أقل عددا وأصغر حجما وأسلوب تنفيذها مختلف، وأقل حرفية مقارنة بالرسوم الأقدم، وقد نقشت أسفل المجموعة الأولى، ومن مشاهد هذه المجموعة حصان عليه سرج، وكلب ، وذئب ورسم لجندي يحمل سيف وترس، ويعد هذا الرسم أول ظهور للأشكال الآدمية في الرسوم الصخرية في شرق ليبيا، ومن خلال الأسلوب الفني وتحديدا رسم الأشكال بالطريقة الظلية الحالية من التفاصيل التشريحية يبدو أن تاريخها يرجع لما يعرف بفترة الحصان التي بدأت منذ منتصف الألف الثانية قبل الميلاد.

إن مواقع الفن الصخري التي ترجع لفترة ما قبل التاريخ كثيرة و منتشرة في سهل بنغازي و الجبل الأخضر, هي مواقع سكنها الناس وأقاموا فيها ومارسوا نشاطاتهم منذ آلاف السنين في ليبيا.

تصوير: ماهر العوامي