جولة مصورة في وادي الهمسة شرق مدينة درنة

يقع وادي الهمسة شرق مدينة درنة, شمال غرب بلدة أم الرزم , فيما يقع مصبه غرب قرية زاوية أم حفين, و شاطئ رأس التين, ويبعد مصب الوادي عن الساحل بنحو 35 كيلومترا عن مدينة درنة .
ويبلغ طول وادي الهمسة حوالي 25 كيلومترا، ويشق الطبقة الساحلية شمال شرق بلدة مرتوبة ثم يمتد شرقا حتى يصل مصبه إلى شاطئ البحر .

خبطة أم الرزم
يطلق عليه السكان المحليون “وادي الخبطة” أو “خبطة أم الرزم” للتفريق بينه وبين وادي أخر يقع إلى الغرب منه يعرف باسم “الخبطة” أو “وادي الخبطة درنة”, و”الخبطة” كلمة محلية باللهجة الدارجة في ليبيا تعني ارتطام الشيء بالشيء , وأخذ الوادي هذه الصفة من طبيعة مصبه حيث ترتطم المياه الداخلة إليه من البحر بجرفه الغربي وكذلك المياه الخارجة منه عند جريان السيول في مواسم الأمطار, فيقال محليا إن المياه تخبط أي ترتطم بصخر الجرف أثناء دخولها وخروجها .

الوادي محاط بأجراف عالية يقدر ارتفاع بعضها بثلاثين مترا, و طبيعتها صخرية جيرية و صخور رسوبية تعرف بالطفله تستخدم عادة في صناعة الأدوات الفخارية .
الممر المائي
يمتد من مصب الوادي على البحر عند الشاطئ ممر من المياه العذبة الممتزجة بالمياه المالحة مسافة حوالي كيلومتر واحد, محاط بنبات الغاب أو القصب, و هو نبات عشبي معمر ينتمي إلى الفصيلة النجيلية وينمو عادة قرب مجاري المياه وفي الأراضي الرطبة.
وتعيش في الممر المائي العديد من الكائنات المائية منها الأسماك, بعضها تم استجلابها وتوطينها فيه كأسماك البلطي والتي توجد بأعداد كبيرة .
وتوجد في نهاية هذا الممر نبع مياه عذبة يعرف بعين الهمسة وتعتبر من أهم مصادر المياه لبعض السكان في تلك المنطقة الذين يعتمدون على الرعي الموسمي في الوادي و المناطق المحيطة به, ويساهم هذا النبع في تغذية الخور بالمياه العذبة والحفاظ على توازن المياه من جهة أخرى, ومياه الخور غير صالحة للشرب .
أكثر ما يميز وادي الهمسة عن باقي الأودية هو مدخله الشمالي ناحية البحر، فهو يبدو كخليج صغير محاط بالأجراف العالية, كما أنه لا يطل على البحر مباشرة بل يشكل هيئة متعرجة و لا يمكن معها رؤية شاطئ الخليج الصغير من البحر بسهولة.

وعلى رغم من أن هذا الوادي ينظر إليه كأحد المواقع المحتملة لنزول الإغريق بقيادة “باتوس” في القرن السابع قبل الميلاد والذين أسسوا مدينة قورينا “شحات” وأنشأوا حضارة عظيمة شمال شرق ليبيا, إلا أنه لاتوجد أثار أو بقايا تؤكد هذه الفرضية.
ويرى بعض العلماء أن مواصفاته قد تتلائم مع وصف المؤرخ الأغريقي “هيردوت” للمكان من حيث قربه من “خليج البمبة” كما أن الإعتقاد السائد خاصة لدى علماء البيئة أن المناطق كانت في يوم من الأيام مليئة بالمروج الخضراء والأشجار إلا أنه و مع الظواهر الطبيعية والاحتباس الحراري، وظروف التصحر تحولت إلى ماهي عليه اليوم شبه جرداء بها بعض النباتات الساحلية الصغيرة.
تصوير : ماهر العوامي