أراء حرةمقالات

مقال رأي| ياسين الزوي يكتب: “سيف الإسلام القذافي تساؤلات مشروعة“

أخبارليبيا24- مقال رأي

تدور تساؤلات كثيرة داخلية وخارجية حول شخص سيف الإسلام القذافي وما يمكن أن يمثله في المعادلة الليبية وهذا الغموض الذي يمارسه يزيد من هذه التساؤلات :

هل للرجل مشروع سياسي حقيقي وواقعي؟ هل يمثل النظام السابق فعلآ ؟ هل هناك فرصة حقيقية لنجاحه في المعادلة السياسية الليبية ؟ هل هناك دعم خارجي له ؟

لقد كتبت مقالا سابقًا عن سيف الإسلام القذافي قبل عام ونيف بعد أن أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية نوفمبر 2021 م.

لقد وصلتني ردود أفعال كثيرة عن المقال وفي معظمها كانت تتفق مع ما طرحته بأن هذه الخطوة لم تكن موفقة من سيف الإسلام القذافي ، وأن لها تداعيات كبيرة وسلبية عليه، وسوف تكون عبئا عليه أكثر من كونها خطوة لصالحه إلا قلة غلبت عليها العاطفة أكثر من العقل.

أعرف أن للمجالس أمانات ، والليبيون يحبون الهمز واللمز أكثر من طرح الحقائق على الطاولة، وقلة هم من يمتلكون الجرأة و الثقة في النفس لكي يعبروا عن مواقفهم وآراءهم بكل شجاعة ومسؤولية ولو أدى هذا الأمر إلى تبعات شخصية.

و لذلك حرصت في هذا المقام ، أن أحتفظ لنفسي بكل المواقف وردود الأفعال، وبالنظر إلى التساؤلات السابقة فإن سؤال المشروع هو الأهم لذا فإنه منذ سنوات وهناك حديث عن سيف الإسلام القذافي وما يمكن أن يقدمه في المعادلة الليبية ولم يظهر شيء حقيقة يمكن الإشارة إليه خلال هذه السنوات إلا مجرد بيانات فيسبوكية وأحاديث من حين لآخر لمحاميه ، وبعض الشخصيات السياسية من النظام السابق لا تتجاوز عددها عدد أصابع اليدين شاركت في حوارات أو لقاءات للأمم المتحدة تدّعي تمثيله والتحدث بإسمه والمشاركة السياسية الحقيقية الفعلية هي في منتدى الحوار السياسي الليبي في جنيف وتونس حيث مُثِّل بمقعدين واحد عن الجنوب وآخر عن الغرب من أصل 75 مقعد ، وقبِل هو ضمنيا أن هذا هو وزنه في المعادلة السياسية الليبية!.

مع العلم أن المستشار عقيلة صالح ، رئيس مجلس النواب، لوحده مُثّل بثمانية مقاعد في هذا الحوار ولم يكن راضياً.

ولا شك أن الخطوة الأهم للمرشح سيف الإسلام القذافي هي ترشحه للرئاسة وبهذا الشكل العلني ومن المؤكد إنها خطوة مفاجئة وجريئة وتحسب له بالتأكيد.

لكن السؤال الأهم هو ماذا بعد هذه الخطوة، هل تحقق شيء إيجابي له خلال العام ونصف من إعلان ترشحه ؟ أم أنه وضع نفسه في موقف صعب أمام من يؤيده بعدم قدرته على تحقيق نتيجة إيجابية يمكن أن يستفيد منها في المستقبل.

وبالمتابعة لكل خطواته بعد إعلان ترشحه السابق نجد أن هناك عدم وجود أي رؤية واضحة لما بعد الترشح والتعامل مع ردود الأفعال وكيل الاتهامات للبرلمان ومجلس الدولة وبعض الدول الغربية لأنهما يريدان إقصائه من العملية السياسية.

لم يتحدث سيف الإسلام للإعلام بشكل مباشر طيلة هذه السنوات ليوضح لليبيين رؤيته أو مشروعه وهذا أمر محير فعلآ !.

فمادام امتلك الجرأة والشجاعة لإعلان ترشحه بشكل مباشر وعلني من قلب مدينة سبها فليس من المنطقي ألا يظهر على الإعلام مهما كانت الأسباب ، فالحديث للنيويروك تايمز ليس أهم من أن يتحدث إلى الليبيين بشكل مباشر وعلني وهو من يريد أن يحكمهم ويسوسهم.

ومما لاشك فيه أن حديثه العلني يعني تقديمه لمشروعه وأفكاره سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا أو اجتماعيا ، وهذا الأمر سوف يضع كثيراً من التساؤلات عن متى وكيف وأين ولماذا ؟

فآخر بيان منسوب لسيف الإسلام القذافي جاء باسم الفريق السياسي للمترشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي، وهنا يبرز السؤال ألا يوجد في هذا الفريق السياسي من يمتلك الجرأة ليقدم للشعب الليبي مشروع ورؤية مرشحه للرئاسة !؟ أم أن المشروع أكبر وأهم من أن يعرض على الليبيين ؟

لاشك أن سؤال المشروع هو الأصعب والأكثر حساسية حيث سوف يصطدم بصخرة الواقع الليبي، و هل فعلا سيف الإسلام يمثل منظومة النظام السابق؟

وهذا تساؤل أيضآ يثير كثيرا من الاهتمام، فكل من يعرف النظام السابق عن قرب يعرف أنه تطور من مرحلة لمرحلة طيلة العقود الأربعة وتعددت فيه الأدوات، ولكن ظلت بعض المؤسسات موجودة بقوة، حيث كانت المنظومة الأمنية حاضرة بقوة طيلة العقود الأربعة، وظلت في يد العقيد القذافي شخصياً يمسك خيوطها ويدير توازناتها الداخلية القبلية الدقيقة بين رفاقه من الضباط الأحرار، ثم وزعها على رجاله ممن هم محل ثقته، حسب اختصاصاتهم، داخليًا وخارجيًا.

وهذه المنظومة الأمنية المعقدة والمتداخلة انتهت بنهاية من قام بتأسيسها لمدة عقود من الزمن.

أما سياسيًا فقد كانت حركة اللجان الثورية بمثابة الذراع الأقوى ، كما مثلت تقريبًا لثلاثة عقود منظومة الحكم الفعلية للشؤون الداخلية والخارجية وتتواجد في أدق تفاصيل الحياة الليبية من البلديات إلى الوزارات إلى النقابات إلى السفارات في الخارج ومنها خرجت مئات الكوادر التي قادت مواقع مختلفة في شتى المجالات.

ورغم الوهن الذي أصابها في عشرية سيطرة وتمكين سيف الإسلام القذافي لشؤون الحكم مع بداية الألفية الجديدة إلا أن الأب المؤسس لم يفرط فيها إلى آخر يوم في نظامه .

لا أجد حالياً ما يمكن الإشارة إليه بأن سيف الإسلام يمثل النظام السابق !،وبالنظر حاليآ إلى كوادر و إطارات النظام السابق من سياسيين ودبلوماسيين وعسكريين وغيرهم من مختلف الأجيال الأول والثاني والثالث نجد أن الأغلبية العظمى منهم لا ترتبط حاليًا بسيف الإسلام ولهم حضورهم الفاعل في الحياة السياسية بعيدًا عنه في أحزاب ومؤسسات أخرى ويمكن النظر حاليًا إلى السلطة التنفيذية في طرابلس أو بنغازي ، حيث سيتضح مباشرة وجود رجال النظام السابق في مختلف المراكز في الحكومة والمجلس الرئاسي وغيرها من مؤسسات الدولة المختلفة.

لذلك فالإدعاء بأن سيف الإسلام القذافي يمثل النظام السابق فيه مجافاة للحقيقة، حسب رأيي !، فكون سيف الإسلام حاملا لإسم والده شيء، وكونه يمثل نظامه السياسي هذا شيء آخر !

وبالنظر إلى التساؤلين السابقين ننطلق إلى التساؤل الآخر هل هناك فرصة حقيقية لنجاحه سياسيآ ؟؟

يرى كثير من المتابعين أن صعوبة وتعقيدات الأزمة الليبية وتداخل المصالح والأجندة بين الداخل والخارج وأنه من الصعب حاليًا الفصل فيما بينها ، كل هذا يلقي بتأثيراته أمام ملف المترشح سيف الإسلام القذافي.

خصوصا بالنظر إلى وضعيته القانونية أمام المجتمع الدولي ، بحيث أنه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية ، وهذه لوحدها تحتاج إلى سنوات من العمل المضني حتى يتسنى له تبرأة نفسه ، وهو أمر مستعصي ولا توجد ضمانات لتحققه ناهيك عن وضعية الداخل الليبي وحجم التباين والانقسام، فمن هو الطرف السياسي الذي سوف يسحب من رصيده ويعطيه له أو يتحمل وزر تحالفه معه أو دعمه شرقًا أو غربًا ولا أعرف من أين يمكن أن تكون له فرصة لتحقيق نجاح سياسي على مستوى رئاسة دولة بحجم ليبيا !؟

أما سؤال الدعم الخارجي فهذا أمر أصعب وأكثر تعقيدا ، إذ ليس من السهل على أية دولة فاعلة ومؤثرة أن تتحمل مثل هذه المسؤولية بشكل علني ومباشر خصوصًا في ظل تعقد الوضع الدولي بعد الأزمة الأوكرانية ، فالاتصالات السرية والمبعوثين الخاصين ، كل ذلك مجرد علاقات عامة تتم في غرف مغلقة ولم تتبنى أية دولة دعمه علناً حتى الآن ومعظم الدول الفاعلة التي تدخلت في الأزمة الليبية طيلة السنوات العشر الماضية تعيد وتراجع حساباتها وترتب في أولوياتها مع وصول قناعة للجميع بصعوبة الحسم لأي من المشاريع السياسية الحالية شرقًا وغربًا وإيجاد مساحة من التوافق هي الأكثر نجاعة ومقبولية.

وما نشهده حاليًا من تبدلات في المواقف السياسية بين أقصى اليمين واليسار ناتج من هذه القناعات الجديدة .

و نذكر في الأخير أن آخر ظهور لسيف الإسلام القذافي كان في موقع ما من الصحراء الليبية الواسعة الأرجاء!، فللصحراء كبرياؤها وتقاليدها ، وكان الأجدى به أن يظهر مع الإبل يحتسى حليبها أو قليل من التمر يسد به رمقه، ولكنه آثر أن يظهر مع نوع فاخر من الشيكولاته التي قل ما يعرفها من أهل البادية والصحراء !.

ومن المهم في نهاية هذا المقال أن أسجّل أنه لا توجد عداوة أو خصومة بيني وبين المترشح سيف الإسلام القذافي ، بل تربطني بمحيطه الاجتماعي صلات رحم وصداقات وعلاقات أعتز بها، ولكن من حقي أن أكتب عنه وعن غيره مادام أراد أن يكون له دور في الحياة السياسية العامة في ليبيا .

وهذه ثقافة جديدة يجب أن يتقبلها الجميع ويتعود عليها ولا يضعوا أي مقال أو موقف في موقع الخصومة أو العداوة ، وأتمنى من داعميه أو مناصريه أن يتقبلوا – بصدر رحب- هذه التساؤلات المشروعة بعقل كبير وعاطفة قليلة، ولهم الشكر!

المزيد من الأخبار

تعليق واحد

  1. تحليل منطقي وواقعي للمعطيات بعيد عن غوغائية العواطف الجياشة و الأحاديث الغير مرتكزه علي وقائع.
    احسنت التفكير و التقدير و التحليل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى