سفر وسياحةوثائقي

رحلة إلى ليبيا : وادي مرقس , الرحلة الثالثة

نواصل رحلتنا إلى ليبيا و تحديدا إلى وادي مرقس في رحلتنا الثانية في ذلك الوادي الذي يشق الطبقة الساحلية للجبل الأخضر شمال شرق ليبيا , بين منطقتي راس الهلال و لاثرون , و هذا الوادي يتميز بطبيعته و بأسراره التاريخية و الدينية القديمة .

للإطلاع على الرحلة الاولى إلى وادي مرقس يمكنك الاطلاع على هذا الرابط : رحلة إلى ليبيا : وادي مرقس , الرحلة الأولى , الرحلة الثانية .

 

مقر عين أم الناموس الأثري

يقع في الجرف الذي تنبع منه عين ام الناموس مقر أثري عند مستوى سطح الأرض يكاد يكون ملاصقا لمنبع العين، ولا يبعد عن صرح مرقس المعلق إلا بمسافة تقدر بحوالي كيلومتر واحد .
وقد تم حفر هذا المقر على هيئة معمارية في أصل الصخر، فهو يشبه غرفة مستطيلة تحتوي على قوسين من أصل الصخر الذي حفر به المقر، وقوس ثالث وطئٌ جداً في نهاية المقر من الداخل، حيث يتخذ الحيز الأخير من المقر هيئة الحوض الغائر قليلاً بالنسبة لبقية أرضية المقر ويتجه المقر برمته ناحية الشرق .
كان مقر أم الناموس مدفونا تحت ترسبات سفح الهضبة الصخرية إلى أن اكتشف فجأة، عندما قامت مصلحة الزراعة الليبية بعملية توسعة لمجرى ماء العين عام 1988، وقد استخدم في العملية جراف ذوشفرة كاسحة مما أدى إلى هدم مقدمة المقر عن غير قصد، وعلى الفور أبلغت مصلحة الأثار الليبية باكتشاف المقر، ووثقت وسجلت المقر في حينه، كما قام عدد من باحثي مصلحة الأثار بدراسته لتحديد ماهيته واتفقوا على ارتباط هذا المقر بصرح مرقس الأنجيلي القريب.
حتى زار المكان المطران باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والمدن الخمس عام 1990م وأكد من الناحية الدينية المسيحية بأن هذا المقر أثار معمودية قديمة؛ ترجع للمسيحية المبكرة عندما كان المسيحيون ملاحقون من قبل اليهود والوثنيين، الأمر الذي اضطرهم إلى اتخاذ دور للعبادة وممارسة طقوسهم في اماكن مخفية وصعبة المنال، فنحتوا كنائسا ومعموديات أعلى أجراف الأودية وتحت الأرض.

وادي مرقس
مدخل مقر عين أم الناموس الأثري .

مقر أم الناموس نحت بالكامل في أصل صخر الجرف، ويلاحظ أنه يفتقر إلى الشكل الجمالي التي تميزت به تلك الفترة من تاريخ المنطقة مما يدل على أنه حفر ونحت على عجل؛ ويرجح أن نحته يرجع إلى القرن الأول للميلاد، وتظهر آثار أزاميل النحت واضحة على جدرانه وسقفه، كما نحتت على السقف حلقات حجرية تستخدم في تثبيت مصابيح الإنارة، وهذا جعل بعض البحاثين يرجحون ان طقوس التعميد مورست سرا في هذا المكان وتحت جنح الظلام، ولازلت بقايا سخام من أثر لهب المصابيح ظاهرة على السطح الحجري للسقف رغم مرور قرون عديدة منذ أن استخدم المكان آخر مرة.

وادي مرقس
معمودية عين أم الناموس
معمودية عين أم الناموس
معمودية عين أم الناموس

آخر قسم من هذا المقر عبارة عن حوض في عمق الكهف، ينخفض عن بقية حجراته الطولية بشكل كبير وتتجمع فيه المياه باستمرار عبر شق صغير يرتبط بمجرى عين أم الناموس الجوفي في جرف الوادي، وهذا الحوض استخدم للتعميد، ويرجح أن التعميد بالغمر هو النوع الذي مورس في هذا المكان، كما توجد عند مدخل المقر مساحة واسعة قليلا مقارنة ببقية مكوناته على هيئة غرفة صغيرة بها مصطبة حجرية، يعتقد أنها غرفة انتظار وغرفة لتغيير الملابس قبل المرور على القسم الاوسط؛ حيث يتم الإعداد لعملية التعميد والدخول بعدها الى الحوض عبر باب منحوت على هيئة قوس والنزول عبر درجات للأسفل لتتم عملية غمر الجسد بالكامل.

معمودية عين أم الناموس
فتحة حوض التعميد
معمودية عين أم الناموس
نحتت المعمودية في أصل الصخر

هندسة المعمودية اعتمدت بشكل رئيسي على مياه النبع وحفرت في عمق الجرف الصخري حتى مجرى المياه الجوفي لضمان تجدد مياه حوض التعميد بصورة مستمرة وتلقائية.
تجري مياه عين أم الناموس وتنحدر بعد الشلال وتلتقي بمجرى عين احجينه، وتحيط بالمجرى انواع عديدة من الأشجار والنباتات، منها نبات الديس وأشجار الدفلة، ثم تنحدر مياه هذه الينابيع حتى تصل إلى مرتفع صخري لتلتقي بمياه نبع عين الحمام عبر المجرى العميق للوادي لتصل بعدها للساحل.

معمودية عين أم الناموس

شاهد فيديو لمقر عين أم لاناموس في وادي مرقس :

 

قلم و تصوير : ماهر العوامي 

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى