سفر وسياحةالأخباروثائقي

وادي مرقس.. أجمل أودية الجبل الأخضر

أخبار ليبيا 24

يمتاز الجبل الأخضر بكثرة أوديته التي تخترق طبقاته الثلاث، حيث تتنوع بين الجاف والخالي؛ باستثناء القليل من مظاهر الحياة خاصة في جنوبه على مشارف الصحراء، وأخرى في وسطه وشماله وقرب ساحل البحر الأبيض المتوسط حيث يتنوع فيها الغطاء النباتي والحياة البرية وتكثر في بعضها ينابيع المياه الطبيعية.

و منذ عصور ما قبل التاريخ استقر الإنسان في الكثير من هذه الأودية، ومارس فيها نشاطات زراعية ورعوية، واستمر استيطان الأودية في فترات زمنية مختلفة، فيما لعبت الظروف والأزمات التي مرت على الإقليم دور في لجوء الناس إليها واتخاذها ملجأً وملاذا، وخاصة تلك الأودية الوعرة والصعبة، حيث توفرت لهم في تلك الأودية متطلبات العيش والأمان، في أزمنة انتشرت فيها المجاعة والأوبئة والكوراث الطبيعية.

أحداث تاريخية

وشهد حوض البحر الأبيض المتوسط في القرن الأول للميلاد أحداثا دامية عندما شرع الرومان واليهود في اضطهاد أتباع المسيح عليه السلام في كافة مستعمرات الإمبرطورية الرومانية، وقد عُرفت تلك الفترة التي تمتد من منتصف القرن الأول للميلاد وحتى بداية القرن الرابع للميلاد بفترة اضطهاد المسيحيين، والتي بلغت ذروتها مع تولي الإمبرطور دقلديانوس الحكم في روما في الفترة من 20 نوفمبر 284 حتى 1 مايو305 للميلاد.

وعلى الرغم من أن دقلديانوس دأب معظم سنوات حكمه على اتباع سياسة تسامح ديني مع المسيحيين، إلا أن سياسته تحولت ضد المسيحيين في أواخر حكمه، فأصدر أربعة مراسيم أمبرطورية فيما بين سنتي 302-305م تحث على اضطهاد المسيحيين، وقد شهدت هذه المراسيم حرق الأناجيل والكتب الدينية ومنعهم من التجمع، وهدم الكنائس ودور العبادة في كل مكان حتى داخل الأودية المنيعة التي لجؤوا إليها؛ وسميت تلك الفترة في المراجع التاريخية والدينية بعصر الشهداء.

ولم يكن الجبل الأخضر كما توحي الآثار داخل الأودية خاصة الساحلية بعيدا عن تلك الأحداث، ولا يكاد واد يخلو من آثار ترجع إلى تلك الحقبة، غير أن الأودية القريبة من الساحل بين مدينتي شحات ودرنة تميزت بوجود آثار لنشاط مسيحي كبير، حيث حوت على آثار لكنائس بدائية محفورة في الصخر وآثار لمعموديات قديمة بعضها يرجع للقرن الأول للميلاد في الفترة المبكرة لانتشار المسيحية في العالم، ومن بين هذه الأودية التي تميزت بآثارها وطبيعتها والتي شهدت على أحداث عظيمة في تاريخ الإنسانية، وادي مرقس.

موقع وادي مرقس

ويقع وادي مرقس بالشريط الساحلي للجبل الأخضر، ويشمل موقعه جزء من الجبال المتاخمة للساحل ما بين رأس الهلال ولاثرون، ويعتبر وادي مرقس من أجمل أودية الجبل الأخضر، ويزدحم بغطاء نباتي يشمل تقريبا معظم النباتات التي تمثل الغطاء الغابي لإقليم الجبل الأخضر، وبه منابع مياه عذبة تتدفق من قلب الصخور بصورة مستمرة منذ أزل بعيد، ويحتوي الوادي على جوانب صخرية سحيقة، حيث ترى الأجراف بألوانها البيضاء الجيرية، كما توجد به الهضاب المكسوة بالغابات والأراضي الزراعية وبقايا السدود وقنوات الري الأثرية والمعاصر.

وادي مرقس
موقع وادي مرقس
وادي مرقس
مدخل وادي مرقس يشرف على خليج راس الهلال

 

الغطاء النباتي

تغطي الغابات أغلب مناطق الوادي، وتحتوي على أنواع عديدة من الأشجار كشجرة العرعر والصنوبر والشماري، وتكثر أشجار الزيتون خاصة قرب بقايا مستعمرة زراعية لم يتبقى منها إلا بعض الآثار وبقايا المعاصر، وتقع تقريبا في وسط الوادي، كما يكثر العنب في مجرى المياه القريب من نبع ماء عين أم الناموس، حيث يعتقد أن زراعة العنب ترجع للعصر الروماني؛ عندما اتخذ المسيحيون وادي مرقس ملجأً لهم لفترة طويلة بدءا من منتصف القرن الأول ميلادي، قاموا من خلالها بزراعة المحاصيل وبعض الأشجار المثمرة؛ كما قاموا بنحت الكنائس البدائية وصهاريج المياه.

ويرى الباحثون أن زراعة العنب حديثة وأنها ترجع لفترة اتخاذ قبيلة الشواعر للوادي كملجأ أثناء الحرب العالمية الثانية وهي إحدى القبائل الليبية التي تسكن ساحل الجبل الأخضر الممتد من منطقة رأس الهلال وحتى مدينة درنة، ويسمى الوادي محليا بوادي الشواعر أو وادي الشواعر الغربي فيما يعرف وادي درنة بوادي الشواعر الشرقي.

وتتنوع الحشائش والشجيرات في الوادي، وينمو على سفوحه وهضابه شجيرات كالبطوم والشيح وبعض النباتات الأخرى بالإضافة إلى شجرة الدفلة التي تنموعلى طول مجرى مياه ينابيع الوادي.

شجرة الدفلة، شجرة معمرة تتميز بأشجارها الوردية الجذابة التي تزهر بدءا من شهر أبريل وتستمر حتى شهر أكتوبر، وقد استغلت هذه الشجرة في ليبيا؛ وزرعت في الميادين والحدائق العامة.

وادي مرقس
تنمو شجرة الدفلة قرب مجرى المياه في الوادي
وادي مرقس
الدفله عندى مجرى نبع عين احطيبه قرب مدخل الوادي الشمالي
وادي مرقس
الغطاء النباتي لوادي مرقس

ينابيع المياه

توجد في الوادي ينابيع طبيعية كثيرة للمياه، وتنبع هذه العيون من عدة مناطق فيه، كعين أم الناموس وعين الحمام، وعين أحجينه وعين أحطيبه التي تنبع في مدخل الوادي الشمالي بالقرب من الساحل.

ساهمت هذه الينابيع الكثيرة في ازدهار الوادي بالنشاط البشري منذ القدم وحتى اليوم، حيث مارس الناس الذين استوطنوا الوادي؛ الزراعة في المساحات والهضاب المنبسطة، وقاموا بزراعة الزيتون والأشجار المثمرة كالعنب والتين والرمان، كما أنهم استغلوا بعض المناطق لزراعة القمح والشعير.

وبالإضافة إلى النشاط الزراعي مارسوا أيضا النشاط الرعوي، ولازال الرعاة يقصدون الوادي إلى اليوم لخصوبة تربته ولتوفر مراعي وفيرة وغنية في داخله.

وادي مرقس
نبع عين أحجينه , أحد ينابيع الماء في وادي مرقس
وادي مرقس
مجرى عين أم الناموس , داخل وادي مرقس
وادي مرقس
شلال وادي مرقس
وادي مرقس
ينابيع المياه في وادي مرقس
وادي مرقس
عين ام الناموس

شاهد فيديو يظهر بعضا من طبيعة وادي مرقس 

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى