الدكتورة عبير أمنينة تكتب لأخبار ليبيا 24 .. توزيع مقاعد كوتة المرأة على الدوائر الانتخابية: المعايير الغائبة

أخبار ليبيا 24 – مقالات | الدكتورة عبير أمنية – خاص
نص القانون رقم 2 لسنة 2021 المتعلق بانتخابات مجلس النواب على المشاركة السياسية للمرأة من خلال منحها حصة خاصة بنسبة 16% من مقاعد مجلس النواب مع إمكانية ترشحها على مقاعد التنافس العام أيضاً. وهي النسبة عينها التي أقرها القانون رقم 10 لسنة 2014 الخاص بانتخاب مجلس النواب الحالي. ويجرى الاقتراع على كل مقعد مخصص للنساء في النظام الانتخابي الفردي من قبل جميع الناخبين في الدائرة الانتخابية من الرجال والنساء على حد السواء .ولقد قام المشرع بتوزيع المقاعد على بعض الدوائر الانتخابية الفرعية واستثنى البعض الأخر منها.
ولقد افتقدت عملية توزيع المقاعد المخصصة للمرأة في القانون للمعايير الموضوعية والعالمية المتفق عليها، كالسكان والمساحة الجغرافية والتركيبة الإثنية، حيث حرمت الكثير من النساء في الدوائر الانتخابية من التنافس على المقعد الخاص بهن لعدم وجوده في الأساس بالرغم من كثافة السكان ،أو اتساع الجغرافيا وكذلك الاختلاف الاثني. مما يسمح بطرح العديد من الاسئلة حول طبيعة المعيار الذي تبناه المشرع وراء اختيار دوائر انتخابية بعينها ليمنحها للنساء ومنع الأخرى؛ فاللترسيم معايير محددة تتبعها الدول لما للأمر من أهمية متعلقة بالمواطنة وحقوقها، الأمر الذي لم يتحقق في القانون رقم 2 لسنة 2021 الخاص بانتخابات مجلس النواب فكان يجب على المشرع التوضيح في المذكرة الشارحة الدوافع الحقيقية وراء هذا التوزيع ، والسبب الذي حرمت منه نساء مناطق بذاتها من تخصيص مقاعد لهن؛ فعدد السكان على سبيل الذكر لم يؤخذ بعين الاعتبار ؛ فقصر ليبيا منح لها القانون مقعداً للنساء وحرمت طبرق منه بالرغم من كثافة المدينة السكانية مقارنة بقصر ليبيا ، الأمر الذي دفع بالنساء في طبرق إلى الترشح على قوائم العام وهو أمر يصعب معه الفوز. وكان من الممكن في هذا الصدد التعاطي مع مقاعد النساء في هذه الدائرة الانتخابية التي تشمل بالإضافة إلى طبرق درنة والقبة على أساس دائرة انتخابية واحدة ، كما هو الحال في ثلاث دوائر فرعية من الدائرة الانتخابية الثانية(شحات، البيضاء، المرج) . وكذلك الأمر مع الدائرة الانتخابية التاسعة ، كان يمكن أن يكون مقعد المرأة دائرة انتخابية واحدة عوضاً عن حرمان النساء في تاورغاء وبني وليد من التنافس على الخاص.
كذلك ،لم يؤخذ أيضا بالاعتبار لتوزيع الاثني عند تخصيص مقاعد النساء ؛فلم تأت كوتة النساء ملبية أيضاً لتطلعات النساء خاصة الامازيغيات في الساحل والجبل والصحراء؛ فمثلا منطقة الجبل( الدائرة 8 )عندها (17) مقعد ، تشكل الدوائر الفرعية للأمازيغ فيها 7 دوائر فرعية ، لا يوجد فيها أي كرسي للنساء ، وعلى النساء الراغبات في الترشح التنافس مع مقعد غريان؛ بمعنى النساء في (8) دوائر فرعية تتنافس على مقعد واحد ، وكذلك الأمر بالنسبة لمدينة الزنتان التي خصص لها مقعدان لا يوجد بينهما مقعد للنساء. .
أيضاً في الإطار نفسه ،في الدائرة الانتخابية 13 وتحديداً الدائرة الفرعية ( زوارة) ،خصص كرسي واحد للرجال ، بينما ألزمت المرأة على التنافس مع زلطن والجميل ورقدالين وصبراتة . وبالنسبة لأوباري و امازيغ الصحراء الطوارق في الجنوب لا يوجد كرسي للمرأة التارغية في هذه المنطقة.
إن غياب النظرة الموضوعية لتقسيم نسبة الكوتا على مقاعد النساء في كل الدوائر الانتخابية ، كما كان الحال عليه في الانتخابات النيابية السابقة 2014، يرجع من جهة إلى تغييب وإقصاء الأحزاب عن المشاركة في المجلس القادم ، والذي كان من الممكن أن يعطي مجال اكبر لمشاركة المرأة وتمثيلها في مجلس النواب ، إذ ما فرض القانون على الاحزاب تشكيل قوائمها مناصفة مع النساء مع الأخذ بعين الاعتبار الترتيب الأفقي والرأسي. كما يرجع من جهة أخرى إلى ضعف نسبة الكوتا المحددة في 16% ، والتي يصعب معها تحقيق العدالة والإنصاف.
مجمل القول ،إن هذا التقسيم خلق لدى المرأة نوعاً من العزوف عن الترشح على مقاعد العام ؛فلقد سجلت حتى تاريخ إعداد هذه المقالة ما مجموعه 17 سيدة فقط على التنافس العام ، وهو رقم جد ضئيل ، وذلك نظرا لعزوف السيدات على الترشح لصعوبة الفوز والمنافسة مع الرجال في مجتمع لا يقبل دائماً أن يمنح صوته للمرأة عوضاً عن الرجل.