أراء حرة

الزهراء لنقي تكتب: القائد الشعبوي قرر تقديم الوزيرة كبش فداء

من ليبيا يأتي الجديد .. تجريم أجندة المرأة والأمن والسلام

أخبار ليبيا24 – متابعات

قبيل انعقاد مؤتمر الاستقرار في طرابلس بيومين و اقتراب الاحتفال بالذكرى الواحد والعشرين لقرار مجلس الأمن 1325 لعام 2000, يُحيل رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وزيرة المرأة للتحقيق لتوقيعها مذكرة تفاهم مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة لمساعدة الدولة الليبية في تطوير خطة وطنية لأجندة المرأة والأمن والسلام!

استجابة للحملات المغرضة والمغلوطة قرر رئيس الوزراء متمثلا شخصية القائد الشعبوي التحقيق مع الوزيرة وتقديمها ككبش فداء بعد أن كان قد فوضها بالتوقيع على مذكرة تفاهم لتلقي الدعم التقني لبناء قدرة المؤسسات الليبية في تطوير خطتها الوطنية لأجندة المرأة والأمن والسلام.

تستند أجندة المرأة والأمن والسلام على عدة قرارات من مجلس الأمن أهمها قرار مجلس الأمن رقم 1325 المؤرخ 31 أكتوبر 2000 المعني بأجندة المرأة والأمن والسلام، لحقت بها قرارات أخرى القرار 1820 لعام 2008، والقرار 1888 لعام 2009، والقرار 1889 لعام 2009، والقرار 1960 لعام 2010، والقرار 2106 لعام 2013، والقرار 2122 لعام 2013، والقرار 2242 لعام 2015، والقرار 2467 لعام 2019.

جوهر المنطلق الفكري لأجندة المرأة والأمن والسلام تعزيز دور المرأة في أدوار المرأة في مرحلة النزاع وما ما بعد النزاعات وذلك استنادا على أربعة أركان أساسية هي:

أولا، المشاركة، إن ما يعنيه مفهوم المشاركة هو أن تكون مشاركة النساء في جميع المجالات مشاركة كاملة، وهذا يتضمن المشاركة في المجال العام عموما. كما يتضمن المشاركة في الشأن السياسي بجميع أبعاده بما في ذلك التمثيل السياسي داخليا وخارجيا، والتفاوض والوساطة من أجل بناء السلام مثل التفاوض من أجل وقف إطلاق النار بالتنسيق مع مجالس الحكم المحلي و المطالبة بالإفراج عن الموقوفين، والتفاوض مع المسلحين الذين وضعوا حواجز أمنية في بعض المناطق، وذلك للسماح بإدخال مواد الإغاثة والمساعدة.

ثانيا، الوقاية، يعني مفهوم الوقاية السعي لتوفير المقومات المعنوية والمادية التي توفر المناعة والتحصين للنساء ضد العنف، والتي تمنع حصول انتكاسات وتجدد العنف. بعبارة أخرى، الوقاية تَحُولُ ابتداء دون إلحاق أضرار بالنساء عموما وخلال مرحلة ما بعد النزاعات تحديدا. ومن أبرز أسس ومقومات الوقاية وجود مناخ فكري ثقافي وتعليمي سليم وتنشئة خاصة وعامة سليمة. كما تشمل إصلاح البنية التشريعية التي كانت تهدف إلى رفع مستوى الوقاية القائم وتوسيع نطاقها.

ثالثا، الحماية، المقصود بالحماية ضمان وجود مقومات معنوية ومادية تؤمن النساء والفتيات في مواجهة العنف المحتمل بكل صوره بحيث تتمتع بأمن وأمان لا يقل عن الأمن والأمان الذي يتعرض له الرجال، بل ينبغي أن يزيد عنه. وكما بينا سابقا، من الحقائق التي يغفل عنها الكثيرون أن مستوى تعرض النساء والفتيات للمخاطر عموما ولآثار النزاعات خصوصا أعلى بكثير من مستوى تعرض الرجال له، وذلك نتيجة عوامل كثيرة. أي إنه يوجد عدم تناسب بين الأضرار الواقعة على النساء والفتيات خلال النزاعات والأضرار الواقعة على الرجال. وهذا يستلزم جعل البيئة العامة بيئة آمنة حامية للنساء. كما يستلزم تعزيز تشريعات وسياسات وإجراءات حماية النساء والفتيات. كما يستلزم توفير أدوات حماية مادية.

رابعا، الإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار، المقصود بالإغاثة والتعافي توفير الخدمات والتدابير ذات الطابع المعنوي والمادي وصولا إلى إزالة آثار الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بالنساء ضمن سياق النزاعات والتي لم يزل الكثير منها مستمرا خلال ما انقضى من مرحلة ما بعد النزاعات.

يشمل ذلك الاستمرار في تقديم الخدمات للنازحات واللاجئات اللاتي لم يزلن في مخيمات اللجوء. كما يتضمن بذل الجهود في سبيل استكمال عودة النازحات واللاجئات إلى ديارهن. هناك أيضا حاجة ماسة لتوفير وسائل الاستشفاء والأدوية للمرضى، وتوفير الخدمات الطبية لأصحاب التحديات الخاصة منهن. وهناك أيضا حاجة لتوفير الرعاية النفسية لمن يعانين بسبب الصدمات النفسية نتيجة العنف بصوره المختلفة. يتكامل مع ذلك كله ترميم منصات المجتمع المدني النسائية وشبكات العمل النسائية التي تأثرت سلبا بسبب النزاعات.

تقريبا سبع دول عربية قد قامت بتطوير خطتها الوطنية لأجندة المرأة والأمن والسلام وتتباهى الدول المتقدمة بذلك.

للأسف يتم اجهاض أول مبادرة لتطوير خطة وطنية لأجندة المرأة والسلام كما تتجاهل مبادرة استقرار ليبيا أي ذكر لدور المرأة في جهود الاستقرار والتعافي واعادة الإعمار!!.

الجدير بالذكر أن أغلب قرارات مجلس الأمن المتعلقة بليبيا وتمديد صلاحية عمل البعثة تستند على قرار مجلس الأمن 1325 . بل يعتبر تنفيذ قرار 1325 والقرارات المصاحبة له في صميم مهام البعثة في ليبيا.

الجدير بالذكر أيضا أن بيان الكتلة النسائية في ملتقى الحوار السياسي استند بكل وضوح الى رقم مجلس الأمن 1325. فقد أكدنا في بياننا على دور المرأة في المرحلة التمهيدية لخارطة الطريق لتعزيز مشاركة المرأة في جميع المجالات العامة وصنع القرار وحماية من العنف الجنسي وحماية المرأة النازحة وتعزيز دورها في التعافي والانعاش واعادة الاعمار.

ولعلنا نذكر رئيس الحكومة الوطنية المؤقتة أنه قد وصل إلى منصبه عبر عملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة وتستند إلى قرار مجلس الأمن 1325 والقرارات المصاحبة لها ضمن قرارات أخرى، فلايجوز بحال من الأحوال دحض الأساس الذي تستند إليه شرعيته!

الخلط بين أجندة المرأة والأمن والسلام واتفاقية السيداو

خلطت الحملات التحريضية بين توقيع طلب مساعدة فنية في شكل مذكرة تفاهم لتطوير خطة وطنية لتنفيذ أجندة المرأة والأمن والسلام وبين توقيع اتفاقية السيداو (اتفاقية انهاء كل أشكال التمييز ضد المرأة) التي بالفعل وقعت عليها ليبيا عليها!!

في بالفعل انضمت ليبيا إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، 16/5/1989. ونشرت في الجريدة الرسمية العدد (20) لعام 1989.
وبذلك أصبحت واجبة التطبيق باعتبارها تشريعا داخليا ملزما للقاضي الوطني. يحق لكل ذي مصلحة الدفع بها والتمسك بأحكامها أمام القضاء الليبي باعتبارها جزءا من التشريع الداخلي.

كما وقعت ليبيا البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقـد أبدت ليبيا، أثناء الانضمام، تحفظا عاما مفاده ألا يتعارض هذا الانضمام مع قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية.

وفـي 5/7/1995 أبلغت ليبيا الأمين العام للأمم المتحدة بقرارها القاضي بتعديل تحفظها وجعله أكثر تحديداً بحيث نص على: “تعلن ليبيا انضمامها إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18/12/1979 مع التحفظ الآتي: يتـم تطبيق المادة (2) من الاتفاقية مع مراعاة الأحكام القطعية للشريعة الإسلامية المتعلقة بتحديد أنصبة الورثة في تركة الشخص المتوفي أنثى كان أو ذكراً. والفقرات (ج) و(د) من المادة 16 فيما يتعلق بالزواج والطلاق.

قدمت ليبيا تقريرين رسمين بخصوص متابعتها لتنفيذ بنود الاتفاقية. أحدهما التقرير الأول في 1991- وتمت مناقشته في 1992 والتقرير الثاني في 2008.

صادقت على الاتفاقية 20 دولة عربية ومؤخرا انضمت السودان
إلا أن معظم الدول العربية وضعت تحفظات على بعض المواد في الاتفاقية منها المادة 2، المادة 9 فقرة 2، المادة 15 فقرة 4 والمادة 16
ومنذ أربع سنوات رفعت تونس كل تحفظاتها على الاتفاقية.

إنه لمؤسف بالفعل هذا الكم من التشويش والشعبوية الذي يهدم كل المكتسبات والإنجازات للمرأة الليبية.

لن نقبل بعبث هذه الحكومة التي لا تتوانى في تقويض خارطة الطريق ومبادئها واستحقاقاتها في سبيل التمديد لها واغتصاب حق الأمة الليبية في اختيار من يمثلها.

أجندة المرأة والأمن السلام ليست جريمة، الفساد وعرقلة العملية السياسية والانتخابية واجهاض خارطة الطريق .. تلك هي الجرائم الكبرى!

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى