“لم نتوقع يومًا أن يُذبح البشر أمام الملأ”.. الحياة في درنة قبل تحريرها من الإرهاب

أخبار ليبيا24

أسهمت تداعيات الثورة في ليبيا سنة 2011 وما صاحبها من انهيار لقوات الجيش والشرطة وأجهزة الأمن في تحويل البلاد إلى منطقة جذب للجماعات الإرهابية المتطرفة، التي استغلت حالة الانفلات الأمني في تعزيز وجودها وزيادة نشاطاتها وتقوية إمكانياتها.

ومع، استمرار حالة الفوضى، تغلغل تنظيم داعش، الذي لم يكن التنظيم الإرهابي الوحيد في ليبيا، بشكل أصبح يشكل خطراً كبيرًا على المنطقة برمتها.

وأُعلن عن وجود داعش لأول مرة في ليبيا من مدينة درنة الواقعة على الساحل الشمالي لشرق ليبيا وتطل على البحر الأبيض المتوسط، في أكتوبر 2014، وذلك بعد مبايعة “مجلس شورى شباب الإسلام” للتنظيم، واعتراف زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي، بانضمام أقاليم برقة وطرابلس وفزان إلى “أرض الخلافة” المزعومة.

تحولت درنة الزاخرة بالحضارة والفن والثقافة، إلى معقلٍ لـ داعش خارج أسوار دولة الخلافة في العراق والشام، يقوده متطرفون من ليبيا ودول أخرى، ارتكبوه جرائم وحشية في حق أهلها وفرضوا عليهم أفكارًا متشددة وأسلوب حياة مُعقدٍ طال جميع نواحي الحياة.

وفي مقابلات سابقة بعد تحرير مدينتهم من الإرهاب في 2018، نشرتها وكالة أخبار ليبيا24، تحدث عدد من أهالي درنة، عن جرائم مرعبة  للجماعات المتطرفة، كالاغتيالات والخطف والإخفاء القسري، وهتك حرمات المنازل، وغيرها الكثير.

يقول المواطن فوزي الشلوي: “بعد قيام ثورة فبراير انتهت مظاهر الدولة في درنة وظهرت علامات خروج التنظيمات الإرهابية بتعليق المنتسبين للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية وسحلهم أمام الجميع وقتلهم بلا رحمة ولا شفقة”.

ويضيف الشلوي: “بدأ الإرهابين في الانتشار في درنة بحجة تأمين المدينة وحدثت الجريمة الشنيعة بإعدام 22 من منتسبي القوات المسلحة بعدما صدر الحكم عليهم في “مربوعة” أحد متطرفي درنة وتم إعدامهم في بوابة الحيلة جنوبي المدينة”.

ويتابع: “نحن لم نفرح بالثورة فقد سيطر الإرهاب على درنة وتدفق الإرهابين الأجانب إليها من كل حدب وصوب. عاشت درنة سنوات عصيبة جدًا وأعلن داعش عن وجوده فيها متقاسمًا المدينة مع التنظيمات الأخرى وكأنها غنيمة”.

وفي إحدى المقابلات، قال عطية المختار حمد، وهو صحفي بمجلة المنار ورئيس المنظمة الليبية للسياحية والتطوير السياحي بدرنة، “في درنة طال الإرهاب الجميع، وأصبحت درنة المدينة الفتية الجميلة مدينة الياسمين، بائسة وكئيبة وحزينة، وساد فيها القتل والخطف وتحول لونها الزاهي إلى لون قاتم”.

ويضيف حمد: “كُنّا في درنة نودع كل يوم صديق أو جار أو قريب، نشطاء، عسكريين قضاة، وصحفيين، بل وحتى أناس عاديين بُسطاء. لم نتوقع يومًا أن يذبح البشر ذبْح الشاة أو يُجلد الإنسان على الملأ في باحة المسجد العتيق”.

في تلك الفترة فرض داعش “الاستتابة” على أهالي درنة، ومن يرفض مصيره الموت، إذ يقول المواطن كمال أنور، حول اغتيال ابنه “معتز” إن ولده كان “يعمل شرطيًا بمركز شرطة المخيلي التابع لوزارة الداخلية، وقد طلب منه عناصر داعش “الاستتابة” بشكل علني والعمل معهم، ولكنه رفض ذلك بشكل قاطع”.

ويضيف أنور: “رغم أني طلبت منه تقديم “الاستتابة” لهم فقط لكي ينجو بنفسه، إلا أنه أصر على عدم فعل ذلك؛ ودائمًا ما كان يقول لي “إن الاستتابة بداية الذل والمهانة، ولن أكون تحت طوعهم بأي شكل من الأشكال”.

وتابع أنور: “في يوم 18 سبتمبر 2014، وقف ابني على محل بجانب بوابة الفتائح جنوب شرق درنة، وما أن نزل من السيارة حتى وقفت سيارة معتمة يستقلها أربعة أشخاص ملثمين وأمطروه بالرصاص ويفارق الحياة”.

كانت الحياة في درنة، في ظل وجود التنظيمات الإرهابية مرعبة ولا تطاق، حيث ارتكبت تلك التنظيمات وعلى رأسها داعش أعمالًا إجرامية وحشية، ضد كل من اعتبر عدوًا لها، ما أجبر العديد من أهلها إلى مغادرتها، فيما بقي آخرون عالقون في ظروف معيشية وإنسانية صعبة.

 

 

Exit mobile version