في ذكرى اغتياله السادسة.. مفتاح بوزيد صحفي ليبي ناهض التطرف فاغتالته أيادي الإرهاب

صحفيون ليبيون تعرضوا لمآسٍ عدة من جراء مناهضتهم للإرهاب

أخبار ليبيا24-خاصّ

في وسط معركة طاحنة ضد الإرهاب عاش الصحفيون الليبيون مآس عدة حيث تعرض الكثير منهم لعمليات التهديد والخطف والإخفاء قسري ناهيك عن عمليات الاغتيال الممنهجة لإسكات أصوات ودفن كلماتهم المناهضة لوجود التنظيمات المتطرفة وممارساتها العدوانية داخل ليبيا.

وكان من ضمن الصحفيين الذين اغتيلوا بأيادي الإرهاب “الصحفي مفتاح أبوزيد” رئيس تحرير صحيفة برنيق الذي اغتيل ببنغازي في 26 مايو عام 2014 بسبب تصريحاتها وآرائه المناهضة لسيطرة الجماعات المتطرفة على المدينة وفي ليبيا عموما.

قتل مفتاح بوزيد، قبل ست سنوات، متأثرا برصاصات نارية أصيب بها في الرأس والبطن والأيدي بينما كان يقود سيارته في صباح ذلك اليوم، بينما كان يهم بركن سيارته أمام إحدى المكتبات لتسليم عدد أسبوعي جديد من صحيفة برنيق الصادرة في بنغازي.

قبل اغتياله عُرف عن الصحفي مفتاح بوزيد ظهوره بشكل مكثف في وسائل الإعلام الليبية والعربية مهاجمًا بقوة الجماعات المتطرفة في وأساليبها وسياساتها العدوانية في البلاد آنذاك.

جرى اغتياله في وضح النهار، وسط شارع الاستقلال (جمال عبد الناصر) أمام أعين المارة، حيث نفّذت عناصر متطرفة مهمتها الإرهابية ضده ومضت دون أن يعترضها أحد؛ حيث اغتيل بثلاث رصاصات من قبل شخصين يستقلان سيارة أحدهم ترجل منها مطلقًا الرصاصات على جسده ولاذا بالفرار.

وكان بوزيد قد ظهر في أحد البرامج الحوارية التلفزيونية قبل يوم من اغتياله وانتقد المجموعات المتطرفة في بلاده والتيارات السياسية التي كانت تحاول فرض رأيها السياسي بواسطة أذرعها المسلحة بالقوة والسلاح.

تلقى بوزيد تهديدات بقتله إن لم يغادر ليبيا في أسرع وقت، وفي إحدى المرات قال: “سأقتل كما قتل الشهيد عبدالسلام المسماري، وسيذهب دمي هباء مثل ما ذهبت دماء ضباط الجيش”.

أغلب الذين اغتيلوا تلقوا تهديدات بالقتل قبل التنفيذ، لكنهم ورغم الترهيب، رفضوا التراجع، وكان الصحفي بوزيد أحد الذين رفضوا الهروب إلى خارج البلاد للنجاة بنفسه. عمليات الاغتيال التي ارتكبها الإرهابيون في ليبيا طالت صحفيين آخرين إضافة إلى قضاة ومحامين وعسكريين وناشطين مدنيين وسياسيين.

أثارت جريمة اغتيال “الصحفي مفتاح بوزيد” ردود أفعال غاضبة وإدانات داخلية وخارجية من قبل الكتاب والصحفيون والمنظمات الليبية والدولية، حيث أدانتها منظمة “مراسلون بلا حدود” وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا ومنظمة اليونسكو، والتي دعت السلطات الليبية آنذاك للتحقيق الفوري في هذا العمل الإرهابي والقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة.

وفي ذلك اليوم الدامي، أعربت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو عن حزنها العميق إزاء اغتيال الصفي مفتاح بوزيد، ودعت إلى إدراك “أن الأسلحة لا يجب أن تُسكِت التعبير عن تنوع الآراء، ولا يجب البتة أن تحل محل الكلمات في ضمان دعم المجتمع المدني”.

وكان عمر مفتاح بو زيد قبل أن يفارق الحياة في ذلك الهجوم المسلح في عمر يناهز 50 عاما، وبمقتله وصل عدد حوادث اغتيال الصحفيين في ليبيا التي أدانتها المديرة العامة بين عامي 2013 و2014 إلى أربعة حوادث.

وطالبت مراسلون بلا حدود السلطات الليبية حينها، بفتح تحقيق في أقرب وقت ممكن لتحديد هوية الجناة، الذين يجب محاكمتهم أمام العدالة، لكن ذلك لم يحدث لضعف السلطات الأمنية والقضائية آنذاك والتي كانت هي الأخرى عرضة لهجمات الجماعات المتطرفة.

وفي ذلك الوقت، قالت لوسي موريون، مديرة الأبحاث في منظمة مراسلون بلا حدود، “نذكر بشدة أنه من الأهمية بمكان السهر على ضمان سلامة الصحفيين في الدولة الليبية الجديدة، وإلا فإن وسائل الإعلام لن يكون باستطاعتها العمل بحرية”.

وأضافت، “يجب اتخاذ إجراءات تشريعية وقضائية على الفور لوضع حد للإفلات من العقاب وإتاحة المجال لسيادة القانون مع ضمان حماية واحترام حرية التعبير والإعلام، التي تُعتبر شرطا أساسيا لإقامة مجتمع ديمقراطي مستدام في ليبيا”.

كان عامي 2013 و2014 من أسوأ الأعوام في تاريخ ليبيا على العاملين في مجال الإعلام، حيث ترك الكثير منهم مجاله جراء الاعتداءات والتهديدات التي طالتهم في كل المدن لاسيما بنغازي التي كانت تحت سيطرة الجماعات المتطرفة والتي أعلنت موالاتها لتنظيمات متعددة من بينها القاعدة وأنصار الشريعة وداعش، الأمر الذي جعلها في تلك الفترة من أخطر المدن في العالم آنذاك على مزاولي مهنة الصحافة.

وإحياءً له، وبعد طرد الجماعات المتطرفة واجتثاث جذورها في بنغازي، أطلقت مؤسسة برنيق للصحافة والإعلام، التي تصدر عنها صحيفة برنيق التي كان يترأسها الصحفي مفتاح بوزيد، والهيئة العامة للإعلام والثقافة بالحكومة الليبية في بنغازي “جائزة الشهيد مفتاح بوزيد التقديرية والتشجيعية للصحافة” السنوية، حيث تمنح “الجائزة التقديرية” لأحد الصحفيين الرواد بينما تمنح “الجائزة التشجيعية” لأحد الصحفيين الليبيين الذين قدموا خلال العام أعمالا صُحفية متميزة.

Exit mobile version