الأخبارتقاريرليبيا

لافتًا أنه لم يصدر من جهة قضائيّة .. وزير عدل الوفاق يتلاعب ببنود قانون العفو بحق سيف الإسلام

القضاء الوطني يواجه تحديات أهمها عدم تمكنه من القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة

أخبار ليبيا 24 – متابعات 

استكملت غرفة الاستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية، جلسة الاستماع التي تجرى على مدار يومين، حول قضية سيف الإسلام القذافي، بحضور ممثل ليبيا لدى المحكمة الجنائية الدولية، “أحمد الجهاني”، حيث تم الاستماع إلى “محمد عبد الواحد لملوم”، وزير العدل بحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا.

وقال “لملوم”، بخصوص الطعن المقدم من سيف الإسلام في مسألة المقبولية، إن حكومته مقتنعة ومؤمنة بمبدأ تحقيق العدالة الجنائية عن طريق القضاء الوطني لكل دولة، حيث إنه من مظاهر سيادة كل دولة على أراضيها، إلا أن الكثير من الدول تمر في بعض الأحيان بظروف طارئة أو قوة قاهرة تجعلها في وضع يصعب تحقيق العدالة الجنائية الناجزة لمعاقبة أشخاص ارتكبوا أبشع الجرائم وأخطرها، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، وفقا لتعبيره.

وأضاف أن القضاء الوطني يواجه تحديات كبيرة أهمها، عدم تمكنه من القبض على المتهمين وتقديمهم للعدالة لينالوا عقابهم، وهذا يتم عادة دون تقصير من القضاء الوطني أو تراخ منه، متابعا أنه في مثل هذه الأحوال، إذا كان القضاء الوطني جادا في متابعة المجرمين، فعليه أن يستعمل كل الوسائل القانونية المتاحة له بموجب قوانينه الوطنية ومنها المحاكمات الغيابية، زاعما أن هذا ما فعله القضاء الليبي بخصوص المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم الذين تغيبوا عن حضور الجلسات العادية، مدعيا بأن سيف الإسلام أحدهم، حيث صدر ضده حكم إدانة غيابيا بخصوص الجرائم المتهم بها، وفقا لزعمه.

وتابع أن هذا الحكم يوصف بأنه حكم تهديدي ولا يجوز تنفيذه حتى في حالة القبض على المحكوم عليه، فإذا تم القبض وحضر المحكوم عليه، فإن الحكم يسقط بقوة القانون ولا يرتب أي آثار قانونية طبقا للمبادئ الكبرى التي تحكم النظام القضائي الليبي وتنظم أيضا حقوق المتهمين، مستطردا أن المحكوم عليهم يجب إعادة المحاكمة بصورة حضورية، ليتمكن المحكوم عليه من الدفاع عن نفسه بصورة حضورية ومباشرة عن طريق مدافعين يختارهم دون تدخل من أي جهة، وفي حالة رفضه أو عدم تمكنه من اختيار المدافعين، فإن القانون الليبي يفرض على المحكمة أن تكلف له مدافعين قبل البدء في إجراءات المحاكمة.

وذكر أن القضاء الليبي لا يعتبر استفد ولايته القضائية إلا إذا تمت المحاكمة في صورتها الحضورية بالشكل الذي رسمه القانون، مضيفا أن حكومته وخصوصا وزارة العدل وجهاز النيابة العامة، طالما تتعاون دوليا في مجال تحقيق العدالة الجنائية وإنصاف الضحايا والحد من حالات الإفلات من العقاب، لاسيما في أخطر الجرائم وأكثرها بشاعة مع المحكمة الجنائية الدولية، التي تربطهم بها علاقة أساسها قرار مجلس الأمن رقم 1970 لسنة 2011م.

وأكد أنه منذ صدور هذا القرار وهم على علاقة وطيدة مع المحكمة بخصوص التعاون القانوني والقضائي وتبادل المعلومات بخصوص تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا والحد من حالات الإفلات من العقاب والدليل ما صرحت به دائما المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فاتو بنسودا، في إحاطتاها الدورية أمام مجلس الأمن، متابعا أن هذا التعاون أساسه مبدأ التكامل بين القضاء الليبي والمحكمة الجنائية الدولية.

وأردف أن ليبيا تعد أول دولة تحقق مبدأ التكاملية، عندما قدمت طعنها في مقبولية الدعوى بخصوص مدير جهاز الاستخبارات الليبية السابق عميد عبد الله السنوسي، حيث حكمت المحكمة بعدم مقبوليتها وأن القضاء الليبي يعتبر المختص بإجرائها، ما يعني أن القضاء الليبي قادر على إجراء محاكمة عادلة ونزيهة طبقا للمعايير الدولية، وتعد شهادة تقدير من جهة دولية على قدرة ونزاهة القضاء الليبي.

وذكر أن القضاء الليبي ومكتب النائب العام يبذلون جهودا كبيرة ومتواصلة، في سبيل حماية حقوق الإنسان، سواء فيما يخص الانتهاكات التي وقعت على الليبيين أو الأجانب من المهاجرين، وأنهم يهتمون بهذا الأمر لمساسه بحقوق الإنسان، مضيفا أنه إدراكا منهم بأهمية حقوق الإنسان وتعزيزها، فقد استحدثوا منصب وكيل وزارة العدل يعنى بحقوق الإنسان ويباشر أعماله في الوزارة منذ العام 2017م عن طريق عدد من الوحدات والفرق الفنية التابعة له.

وأكد أن وزارة العدل عملت على تشكيل لجنة مشتركة لرصد وتوثيق الانتهاكات، وتؤدي عملها حاليا برئاسة وكيل الوزارة لشؤون حقوق الإنسان، حيث وثقت أغلب الممارسات والانتهاكات التي حدثت وهم الآن بصدد تقديم أولى التقارير للجهات المختصة، مردفا بأن وزارة العدل عملت على تفعيل مسار العدالة انتقالية حتى يستجيب لكل الانتهاكات في إطار مشروع متكامل، كما عمدوا إلى وضع اللائحة التنفيذية لقانون العدالة الانتقالية الصادر بها القانون 29 لسنة 2013م، وإحالتها للجهات المختصة لإصدارها حتى يمكن تفعيل مؤسساته وآلياته من لجان الحقيقة والمصالحة وجبر الضرر وفحص المؤسسات والانتصاف للضحايا.

وقال إنهم يؤمنون بأن العدالة والحد من حالات الإفلات من العقاب يجب أن يتحقق سواء عن طريق القضاء الوطني أو الدولي الذي يعتبرون أنفسهم جزءا منه، وطالب بالتصدي لمحاولات تطويع الوسائل القانونية لتبرير حالات الإفلات من العقاب بالطرق القانونية.

وحول قانون العفو رقم 6 لسنة 2015م، يعد أحد الوسائل التي وقعت عليها أعمال التطويع للإفلات من العقاب، ولذلك فإن القانون لا يمكن تطبيقه على جرائم القتل جزافا والقتل على الهوية والجرائم ضد الإنسانية عموما بنص المادة الثالثة في الفقرة الرابعة والسادسة، حيث استثنت جرائم القتل على الهوية، والخطف الإخفاء القسري، والتعذيب، وجرائم الفساد بجميع أنواعها، من قانون العفو عليها، وذلك من الناحية الموضوعية.

ومن الناحية الإجرائية، قال إنه على فرض أن بعض الجرائم المنسوبة لسيف الإسلام مشمولة بقانون العفو، فإن شروط منح العفو غير متوافرة في حقه، حيث اشترط القانون في مادته الثانية، التعهد المكتوب بالتوبة، وعدم العودة للإجرام، والتصالح مع المجني عليه وعفو ولي الدم، وهذا ما لم يفعله سيف الإسلام، وفقا لزعمه، وهذا التعهد غير ملزم في المخالفات أو في الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط.

وفيما يخص جرائم الأموال، أشار إلى ضرورة رد المال محل الجريمة، وفقا لقانون العفو، مع ضرورة التصالح مع المجني عليه أو وليه أو عفو ولي الدم بحسب الأحوال، لافتا إلى ضرورة تسليم الأسلحة أو الأدوات محل الجريمة التي استعملت في ارتكابها، مع إعادة الشيء إلى أصله في جرائم الاعتداء على العقارات والممتلكات المنقولة.

وحول نص المادة الثالثة من قانون العفو، أوضح أنه يستثني من العفو على جرائم الإرهاب المنصوص عليها في القانون رقم 3 لسنة 2014م، وجرائم جلب المخدرات والإتجار بها، وجرائم المواقعة وهتك العرض، وجرائم القتل على الهوية الاختطاف والتعذيب، وجرائم الحدود متى رفعت للقضاء، وجرائم الفساد بجميع أنواعه.

وبالعودة إلى الناحية الإجرائية للقانون، قال إنه على فرض أن بعض الجرائم المنسوبة لسيف الإسلام مشمولة بقانون العفو، فإن شروط منع العفو غير متوافرة بحقه، حيث اشترط القانون المذكور في مادته الثانية لمنح العفو، التعهد المكتوب بالتوبة وعدم العودة للإجرام والتصالح مع المجني عليه وعفو ولي الدم، وهذا ما لم يفعله سيف، بحسب قوله.

وادعى ممثل الوفاق، أن سيف الإسلام لم يضع نفسه أمام القضاء الليبي أو الدولي، بل يحاول الإفلات منه، كما زعم أنه لتطبيق أي قرار عفو، يجب أن يصدر من الجهات القضائية المختصة التي لم تصدر أي قرار بشأن شمول قرار العفو سيف الإسلام.

وكشف أنه في إطار خطوات القضاء الليبي لمحاكمة وحرمانه من أي عفو، استمر في نظر الدعوى المقامة ضد تحت 525 جنايات طرابلس وأصدر حكما غيابيا بتاريخ 28 يوليو 2015م بإدانته عما هو منسوب إليه من جرائم، وفقا لتعبيره.

وذكر أن سيف الإسلام قضى مدة 4 سنوات ونصف في السجن، معتبرا أنها ليست مدة عقوبة، بل إجراءات احتياطية احترازية، ووفقا للقانون الليبي تخصم هذه المدة إذا حكم عليه بعقوبة سالبة عليه، ولا يمكن اعتبارها مدة عقوبة، وفقا لادعائه.
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية، عقدت أمس الإثنين، جلستها الخاصة بمحاكمة سيف الإسلام، بعدما أصدرت في وقت سابق، دائرة الاستئناف بالمحكمة، أمراً قضائياً بعقد جلسة استماع للنظر في طلب الاستئناف المقدم منه يومي الحادي عشر والثاني عشر من نوفمبر الجاري، ودعت المحكمة، مجلس الأمن الدولي، والحكومة الليبية، وما يعرف بـ”رابطة ضحايا 17 فبراير”، لتقديم ملاحظاتهم مكتوبة في تاريخ لا يتجاوز 24 من أكتوبر الماضي.

وأفادت المحكمة في البيان الذي شمل أمرها القضائي، أن جلسة استماع ستعقد أمام دائرة الاستئناف في الفترة من 11 إلى 12 نوفمبر 2019، للاستماع إلى الملاحظات والتعقيبات بشأن طلب الاستئناف المقدم من طرف الدكتور سيف الإسلام القذافي، وستصدر الدائرة في الوقت المناسب توجيهات إضافية بشأن سير الإجراءات، بما فيها ما يتعلق بمشاركة الأطراف ومكتب المستشار القانوني لـ”رابطة الضحايا” وأي جهات أخرى، مضيفة أنها ستدعو مجلس الأمن ودولة ليبيا إلى تقديم ملاحظات، حول القضايا الناشئة عن الاستئناف.

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى