الأخبارأخبار دوليةتقاريرليبيا

حفتر لـ “اندبندنت عربية”: دخول طرابلس يعني بداية عصر جديد يطوي فيه الليبيون مآسي الماضي

ما حققه الجيش الوطني منذ انطلاق عملية الكرامة يعد معجزة بكل المقاييس

أخبار ليبيا 24 – متابعات 

أكد قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر  أنه يحارب وفق خطة عسكرية دقيقة تضع في أولوياتها سلامة المواطنين من سكان طرابلس ومنشآت المدينة ومرافقها.

حفتر أوضح في حوار خاص مع “اندبندنت عربية” أن طرابلس مدينة يقطنها أكثر من مليوني نسمة، وتمكنت منها مجموعات إرهابية حين كان الجيش يخوض معاركه ضد الإرهاب في بنغازي على مدى أربع سنوات، إضافةً إلى معارك تحرير درنة والموانئ النفطية ووسط البلاد والجنوب”.

وأضاف أن هذه المجموعات استطاعت تكديس كميات كبيرة من السلاح بمختلف أنواعه خلال السنوات الماضية، وتتلقى دعمًا خارجيًا لا يتوقف من دول داعمة للإرهاب، إضافة إلى انفاق المجلس الرئاسي المليارات من خزينة المال العام، واستغلت مرافق مدنية حوّلتها إلى مخازن للذخيرة داخل الأحياء السكنية من أجل الحيلولة دون قصفها.

القائد العام أكد ظهور  مليشيات مسلحة أخرى، وانتشرت في كامل أرجاء المدينة وهي التي تصدر الأوامر للرئاسي لتوفير المال والسلاح لها،علاوة على ذلك، استجلب الرئاسي، للمرتزقة بالآلاف والإنفاق عليها بمئات الملايين لتحارب في صفوف قوات الوفاق .

وأشار إلى أنه لكي نجنب طرابلس الدمار ونضمن عدم تعرض سكانها للأذى، كان لا بد من استدراج كل هذه المجموعات خارج طرابلس، وقد نجحنا في ذلك وألحقنا بها خسائر فادحة، وهي الآن تحتضر .

دخول طرابلس

وتابع حفتر كان بمقدورنا وبكل بساطة، أن ندخل إلى قلب طرابلس بعملية اقتحام كاسح بالأسلحة الثقيلة والقوة المفرطة وتنتهي العمليات العسكرية خلال فترة قصيرة، لكن ذلك لا يحقق الهدف النبيل الذي نعمل من أجله، وسيكون ثمنه أرواح ودماء الأبرياء من سكان العاصمة التي نحرص عليها ونعمل على حمايتها، إضافة إلى الضرر  الذي سيلحق بمنشآت المدينة .

ووجه مراسل الصحيفة سؤال للقائد العام هل سيحسم الجيش الوطني للمعركة في طرابلس؟، ومن جهته، أكد حفتر الإجابة بـ”نعم” لا شك في ذلك. وسندخل العاصمة فاتحين بإذن الله، عاجلاً وليس آجلاً.

وعن الانجازات العسكرية على الأرض يقول المشير خليفة حفتر إن “ما حققه الجيش الوطني منذ انطلاق عملية الكرامة يعد معجزة بكل المقاييس على الرغم من الظروف القاسية التي واجهها، وانتصر في جميع المعارك التي خاضها، وهو الآن يحصر الإرهابيين في زاوية ضيقة، ويطبق عليهم الخناق من كل جانب.

ولفت إلى أن قوات الجيش حررت بنغازي ودرنة والموانئ والحقول النفطية وهزمت “داعش” و”القاعدة” وكل التنظيمات الإرهابية التي استوطنت في ليبيا وظنت أنها تمكنت من البلاد، واتسعت دائرة سيطرتها حتى شملت وسط ليبياوأقاصي الجنوب. ومن حيث الواقع الجغرافي، الجيش قد دخل طرابلس منذ فترة ويقاتل الإرهابيين والميليشيات داخلها من عين زارة إلى بن غشير إلى طريق المطار، وصولاً إلى الفرناج وصلاح الدين .

وبخصوص من يحارب الجيش الوطني في طرابلس، بين القائد العام أنه يمكن تصنيف هؤلاء الذين يحاربون الجيش باختصار بثلاثة أنواع: مجموعات إرهابية تحمل أفكاراً متطرفة وتتستّر برداء الدين وتنتمي إلى تنظيمات إرهابية كالإخوان المسلمين و”داعش” و”القاعدة” والجماعة الليبية المقاتلة، ولها فروع عدّة تحت مسميات مختلفة، هذه المجموعات تمكّنت من استغلال حالة الفوضى السياسية والأمنية التي أعقبت سقوط النظام السابق واستطاعت السيطرة على مفاصل الدولة ومراكز صنع القرار، وهدفها التمكين لفرض أيديولوجية متطرفة تستند إلى مراجع تكفيرية وتعمل على تحويل ليبيا إلى إمارة إسلامية حسب وصفهم وتوظيف ثرواتها لدعم كل التنظيمات الإرهابية الأخرى على مستوى العالم.

وتابع أن هناك مجموعات أخرى لا تحمل أي أيديولوجية ويظل المال هو الهدف الأساسي لها، وهي تتألف من أعداد كبيرة من الشبان الذين استهواهم جمع المال بالقوة، والصنف الثالث هم المرتزقة الذين يستجلبهم المجلس الرئاسي من بعض الدول الأفريقية ويدرّ عليهم أموالاً طائلة لمحاربة الجيش، وليس لهم من هدف سوى المال”.

 

الهيمنة على الحكم؟

وعن اتهامه بأن هدفه الهيمنة على الحكم، يرد قائد الجيش الوطني “الدعاية الإعلامية وتلفيق التهم ونشر الأكاذيب وقلب الحقائق هي من أدبيات وسلوكيات التنظيمات الإرهابية التي يحاربها الجيش، ويمارسها أيضاً ما يُسمى بالمجلس الرئاسي الخاضع لهذه التنظيمات، وهي مفضوحة أمام الليبيين، ومدعاة للسخرية. الساعون للحكم هم المتشبثون بالسلطة حتى بعد انتهاء فترة ولايتهم ويرفضون بلا خجل أو حياء، ترك مناصبهم والعودة إلى أعمالهم السابقة، هم الذين يدّعون الشرعية خارج إطار الدستور، ويعملون على عرقلة أي مسار يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي للسلطة.

وأكمل أن هؤاء هم نفسهم من يغرون بالشباب والأطفال القصّر بالمال ليقاتلوا الجيش كي يبقوا هم في مقاعد السلطة، على الرغم من أنها سلطة وهمية صورية لم يصدرها الشعب الليبي، وهي في حكم العدم أمام القضاء. أما نحن، فهدفنا القضاء على الإرهاب واستعادة الوطن وسيادته، وصون كرامة المواطن الليبي، وأن نمهّد له الطريق ليرسم بإرادته الحرة خريطة حاضره ومستقبله. هدفنا أن يعيش المواطن عزيزاً سيداً في أرضه، يبني دولته بما يناسب تطلعاته من دون أي تدخل خارجي أو تهديد داخلي. دخول العاصمة لا يعني ظهور حاكم جديد، بل يعني بداية عصر جديد يطوي فيه الليبيون مآسي الماضي وينسون أحقادهم ويشمرّون فيه عن سواعدهم لبناء ليبيا الجديدة”.

هل العملية العسكرية موجهة إلى طرف سياسي بعينه كما تقول قيادات الرئاسي؟ على هذا السؤال يجيب حفتر “أولاً، يجب التوضيح أن ما يُسمى بالرئاسي ليس قيادة على الإطلاق، ولا هو رئاسي بالمفهوم العملي والواقعي، بل هو أداة لتنفيذ ما تُصدره له المجموعات الإرهابية والميليشياوية من أوامر. دوره تنفيذ الأوامر فقط، وتلقّي التوجيهات من قطر وتركيا ودول أخرى، ولا يملك أمامها إلاّ الطاعة والاستجابة. وعملياتنا العسكرية في طرابلس لا تستهدف أي كيان سياسي، ولم تكن وليدة لحظة، بل هي امتداد طبيعي لحرب تحرير شامل، بدأت مع انطلاق عملية الكرامة في منتصف مايو عام 2014.

وعن أبرز الحاجات التي يجب أن تتوفّر لقوات الجيش لمكافحة الإرهاب، يوضح حفتر أن “الجيش الليبي بدأ معركته ضد الإرهابيين بإمكانيات بسيطة جداً لا تكاد تُذكر، سواء من حيث عدد الضباط والجنود أو مستوى التسليح والإمكانيات المادية. وفي المقابل، تملك المجموعات الإرهابية ترسانة ضخمة من الأسلحة بمختلف أنواعها، وتستقبل أفواجاً من المقاتلين الإرهابيين المدرّبين من خارج البلاد بتسهيلات من السلطة القائمة في ذلك الوقت. وكان العالم يفرض علينا حظر التسليح، وعلى الرغم من ذلك، الجيش ينتصر في جميع معاركه ضد الإرهاب ولكن بثمن باهظ، وللأسف هذا الحظر ما زال قائماً، ولولاه لقضينا على الإرهاب منذ سنوات وبتكاليف أقل بكثير. ولاستكمال هذه المسيرة النضالية في زمن قياسي وبأقل التكاليف، يجب رفع الحظر فوراً. النقطة الثانية، يجب على العالم أن يتّخذ إجراءات صارمة تمنع تدفّق السلاح لدعم الإرهابيين”.

أما اتهامات الرئاسي بدعم دول أجنبية للجيش في معركة تحرير طرابلس؟ فيشير المشير لـ “اندبندنت عربية” إلى أنه “إذا كان دعم محاربة الإرهاب تهمة فنحن والدول التي تقف إلى جانبنا نقبلها بكل امتنان وسرور. الإرهاب في ليبيا لا يهدّد بلادنا فقط. ليبيا جزء من إقليم جغرافي تؤثر فيه وتتأثر به، وهذا الإقليم هو مركز العالم، والإرهاب لا حدود له. ومن حق الدول التي يهدد الإرهاب أمنها القومي واستقرارها ومصالحها الاستراتيجية أن تساند الجيش الوطني في محاربته له. هل يتصور الرئاسي أن تغض مصر مثلاً النظر عن تنظيمات أو خلايا إرهابية نشطة في ليبيا ونحن دولتان متجاورتان تمتد الحدود بينهما أكثر من 1000 كيلومتر؟ وإذا انتقل الإرهاب إلى مصر، ألا يؤثر هذا في أمن السعودية أو الإمارات أو الأردن مثلاً؟ الحرب ضد الإرهاب تتطلّب تظافر الجهود الدولية والتعاون الأمني والاستخباراتي المشترك حتى يتم القضاء عليه نهائياً”.

وعن  أبرز مسارات تهريب الأسلحة والمقاتلين، كشف قائد الجيش أن “الخطوط البرية التي تمد الميليشيات بالسلاح قُطعت بالكامل، وهي تحت سيطرة ومراقبة قواتنا المسلحة، إلاّ أنّ خطوط الإمداد الجوية والبحرية ما زالت نشطة، وتدعمها تركيا وقطر بشكل متواصل جواً وبحراً عبر نقل السلاح بجميع أنواعه بما فيه الطائرات المسيّرة عن بعد والمقاتلين إلى ميناء أبوستة في طرابلس، وميناء مصراته والكلية الجوية في المدينة. وفي معظم الأحيان، ما إن تصل شحنات الدعم إلى مخازنها، حتى يتم قصفها وتدميرها.

وتابع أن قطع هذه الخطوط يحتاج إلى إمكانيات خاصة ومتطورة، وهنا يأتي دور المجتمع الدولي الذي نحثه دائماً على ضرورة مراقبة هذه الخطوط ومنع وصول الأسلحة والمقاتلين عن طريقها إلى المجموعات الإرهابية، ونتوقع أن يتّخذ موقفاً موحداً يمنع هذا الدعم. ومن طرفنا، لن نتردد في قصف أي سفينة أو طائرة كلما أمكن ذلك، إذا ثبُت لنا أنها تحمل دعماً للميليشيات بالسلاح والذخيرة أو المقاتلين”.

مصير الدواعش

وعن هروب مئات “الدواعش” من سوريا، هل اتخذوا أي إجراءات لمنع تسلّلهم إلى ليبيا؟ يجيب حفتر “قواتنا المسلحة وأجهزتها الاستخباراتية وحرس الحدود البرية وأجهزة الأمن بصفة عامة في حالة تأهب تام، ولدينا دوريات تعمل على مدار الساعة لمراقبة الحدود على الرغم من أن الإمكانيات أقل من المستوى المطلوب، وقد تم إلقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين أثناء محاولاتهم التسلّل إلى الأراضي الليبية، إضافة إلى ذلك أننا في إطار التعاون الأمني، نتبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول الجوار، خصوصاً مع مصر وتشاد والنيجر لمنع أي تسلّل للإرهابيين عبر الحدود المشتركة”.

أما عن الموقف من مؤتمر برلين المزمع تنظيمه لحل الأزمة الليبية، يوضح المشير حفتر رداً على هذا السؤال أنه “مع أي تحرك دولي أو محلي يعمل بجدية على معالجة القضية الليبية، وإذا كُتب لهذا المؤتمر أن ينعقد، فإننا نتمنى له النجاح، ونقصد بالنجاح أن تؤدي مخرجاته إلى رفع معاناة الشعب الليبي. لا نعلم حتى الآن ما هي أجندة هذا المؤتمر، وفي قناعتي أن معالجة الوضع الليبي تبدأ بالقضاء على الإرهاب وتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها. كل المؤتمرات السابقة فشلت بسبب إهمال هذه المسألة، واعتقدوا أن مجرد الجلوس إلى طاولة مفاوضات وإصدار اتفاق، سيؤديان إلى الحل. ثم سرعان ما يكتشفون أن الاتفاق هو حبر على ورق فقط.

يختم المشير خليفة حفتر حواره لـ “اندبندنت عربية” برسالة إلى أهالي طرابلس، قائلاً “الشعب الليبي يعرف رسائلنا جيداً من خلال ما يحققه الجيش الوطني على الأرض وما قدّم من تضحيات. ونقول له إنّ الآتي أفضل بإذن الله، وإنّ هذا الوضع الذي تمر به البلاد سينتهي قريباً بعونه تعالى، لندخل مرحلة جديدة يؤسس فيها الشعب دولته تحت حماية قواته المسلحة وأجهزة الأمن المختلفة وهو مرفوع الرأس. شعبنا يعرف عدوه الذي دمّر حياته وحوّلها إلى شقاء وبؤس، ومارس ضده العنف ونهب ثرواته واستهان بكرامته. شعبنا يميّز بين الخونة والعملاء الذي باعوا الوطن والشرفاء الذين يناضلون من أجل الكرامة والسيادة الوطنية ويضحّون بأرواحهم فداء للوطن. نطمئن كل الليبيين بأننا سنعيد الأمور إلى نصابها قريباً بإذن الله”.

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى