تقاريرالأخبارصحةليبيا

رأيت جثثًا تتخبط فوق الماء.. ناجٍ سوداني يروي مأساة غرق العشرات بينهم زوجته وطفله قبالة الخمس

أخبار ليبيا 24-خاص

“رأيت جثث بشر تتخيط وحناجر تصرخ وتطلب النجدة بلهجات وأصوات مختلفة”.. هذا جزء من المشاهد التي رواها أحد الناجين من مأساة غرق قارب متهالك يحمل مئات المهاجرين قبالة سواحل الخمس غربي ليبيا قبل أيام.

يقول الشاهد السوداني (40 عامًا) نقلًا عن تجمع أطباء الباطنة الخمس، الذي رمز اسمه بـ (ي س ع)، “التقينا فجر الأربعاء على تمام الساعة 2:30 صباحًا في المكان والموعد المحدد، بعد دفع نحو 250 إلى 400 دولار أو ما يعادلها بالعملة الليبية مسبقًا لتجار البشر. كان الوعد بأن الرحلة آمنة وستستغرق ما بين الـ 8 ساعات إلى 13ساعة”.

في هذه الأثناء تكّدس المهاجرون من جنسيات مختلفة داخل القارب المتهالك بهدف الانطلاق إلى شواطئ إيطاليا.

وأوضح الشاهد السوداني، “كان القارب يحمل ما يزيد عن 300 شخص من جنسيات مختلفة (سودانية، أريتيرية، أثيوبية، غانية، وصومالية) وهو بالكاد يحمل أكثر من 50شخصًا على الأكثر”.

وأضاف، “كان من بين الركاب أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 4 سنوات و15 سنة، إضافة إلى 120 ت سيدة قريبا بينهم حوامل”.

وقال: “أخبرونا أننا سنصل إلى سواحل إيطاليا مع حلول الظلام وما هي إلا ساعات قليلة حتى بدأ القارب يميل يمينا تارة وشمالا تارة أخرى”.

وتابع، “في هذه اللحظات بدأ الراكبون في الصراخ والعويل وسط الظلام، أمسكت بزوجتي وابني البالغ من العمر 5 سنوات”.

وبمرارة، قال الناجي السوداني: “ابني ينظر إلي ويقول: “بابا.. لا أريد أن أموت”، هُنا أصبحت لا أرى ولا أسمع شيئًا، وأدركت مدى الخطأ والكارثة التي ارتكبتها،  كنت أنظر لزوجتي وهي تنظر إليّ دون أن يستطع أي منّا فتح فمه بكلمة”.

وواصل الناجي حديثه، ” بعدها أصبحت أسمع أصواتًا من السماء تناديني وبعدها بلحظات انقلب القارب”.

وقال: “بعد أن انقلب القارب أصبحت أحس بشيءٍ باردٍ يلامس جسدي، كنت أشعر وكأني أمشي على الأرض، كنت أمسك بزوجتي بكلتا يدي وأمسك ابني بأسناني”.

يتذكر الشاهد صور المأساة من حوله، ويقول: “رأيت جثثًا تتخبط وسمعت حناجر تصرخ وتطلب النجدة بلهجات وأصوات مختلفة، هنا نطقت بالشهادة وأدركت أن رحلتي التي دفعت ثمنها وصلت إلى النهاية”.

وأضاف، “بقيت قرابة الربع ساعة وأنا أنظر فقط إلى أن أدركت واستوعبت ما يحدث حولي، كنت على الشاطئ بعد أن قامت فرق الإنقاذ بإنقاذنا”.

يقول تجمع أطباء الباطنة الخمس: “أصبح شاهدنا يبكي وانتابته نوبة من الهستيريا والبكاء، علمنا أن كل من زوجته وابنه قد فارقا الحياة”.

وتساءل التجمع، “لا نعرف ما شعور إحساس تجار البشر وهم يجمعون بعض الدراهم مهما كان حجمها على جثث وأشلاء أطفال ونساء وبشر استغلوا أوضاعهم وحاجتهم؟”.

معظم الركاب في تلك الحادثة المأساوية وجدت جثثهم تطفوا فوق سطح الماء.

وحول هذه الحادثة، كتب المفوض السامي لمفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، على تويتر، يقول: “أسوأ مأساة في البحر المتوسط هذا العام حصلت للتوّ”.

وغرق القارب على بعد نحو خمسة أميال بحرية من الساحل بحسب إفادة ناجين من المأساة.

وبحسب المتحدث باسم البحرية الليبية أيوب قاسم، فإن الناجين هم إريتريون في قسمهم الأكبر، لكن في عدادهم أيضًا فلسطينيون وسودانيون، وقد نقلوا إلى مركز خفر السواحل في الخُمس.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الجمعة، “أشعر بالذعر نتيجة المعلومات القائلة إنّ نحو 150 شخصًا ماتوا إثر حادثة غرق قبالة الشواطئ الليبية”.

وأضاف، في تغريدة على تويتر، “نحن بحاجة إلى طرق آمنة وقانونية للمهاجرين واللاجئين. كل مهاجر يبحث عن حياة أفضل، يستحق الأمن والكرامة”.

ودفنت اليوم الأحد في مقبرة مخصصة للمهاجرين في تاجوراء غرب طرابلس جثامين 46 مهاجرا انتشلت جثثهم إثر غرقهم في تلك الحادثة المأساوية، فيما سيتم دفن 16 جثة أخرى في وقت لاحق.

وتعتبر ليبيا نقطة عبور مهمة للمهاجرين الفارين من دول أفريقية وشرق أوسطية، من أجل إيجاد حياة أفضل إلى أوروبا.

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى