أراء حرة

الكيل بميكالين…جرائم الإرهابيين وتجاوزات القوات المسلحة

بقلم/تيم محمد

تفننت “داعش” والجماعات الإرهابية المتحالفة معها في مدينة بنغازي ودرنة وسرت وغيرها من المدن التي دنسوها بقتل كل عسكري أو كل من اشتبهوا في أنه عسكري فضلا عن المدنيين بأبشع الطرق ذبحًا وتقطيعًا وإذلالًا وجرًا بالسيارات، وأجبروا بعضهم على حفر قبورهم بأيديهم ومن ثم يطلقون عليه الرصاص ليسقط في تلك الحفرة التي حفرها، أو يحشدوا الناس ويأتوا بالضحية مكبل اليدين ومغمض العينين ويكيلوا إليه سيلا من الاتهامات ومن ثم يتم قتله مع التكبير التهليل، والغريب أن هذه التنظيمات الإرهابية المتحالفة توثق كل هذه الأفعال الإجرامية وتصفها وكأنها عقوبة إلهية ويرفقون مع هذه المقاطع والصور للقتل والتنكيل آيات من القرآن الكريم وأحاديث الرسول العظيم، أو أناشيد إسلامية حماسية كل هذه الجرائم أظهرتها المواقع والصفحات والقنوات الإعلامية التابعة والمؤيدة للجماعات الإرهابية على أنه جهاد وعمليات نوعية وأنه صراع حق وباطل وأن قتلاهم في الجنة مع حور عين وخصمهم “المرتد” في النار.

لم تأبه هذه المواقع والصفحات والقنوات الإعلامية لحقوق الإنسان وتعاليم القرآن ولم ترى أنها جرائم ضد الإنسانية بل كانت ولازالت تنقله بتهليل الفرحين وتبريكات المعلقين وتكبيرات المؤيدين، وتصف أصحابها بالأبطال والفرسان والثوار الذين يقاتلون عدوًا “مرتدًا” وليس “كافرًا” حتى يقيموا عليه حد الله لردته، لذلك فقتله ضرورة مُلحة وتقربًا إلى الله، ولو وصفوه بالكفر لجازت لهم دعوته إلى الدين الإسلامي وإقناعه بدفع الجزية ولربما نجا من القتل، أما هذه الجماعات الإرهابية وصفت كل مخالفيها بالمرتدين حتى تقتلهم “حدًا”  أي أن كل ما حدث ووقع من جرائم القتل والتعذيب هي مباحة بل هي أمرًا أساسيا في عقيدة هؤلاء الإرهابيين وتوجه عام لديهم.

وتجاهلت هذه المواقع والصفحات والقنوات الإعلامية التابعة والمؤيدة للجماعات الإرهابية بل وتناست عن قصد كل تلك الأعمال والأفعال البشعة التي ارتكبها الإرهابيون في بنغازي وسرت ودرنة على مدى أعوام من تمثيل بالجثث وتقطيع الأوصال وقطع الرؤوس والتفنن في القتل والتنكيل والإعدامات ناهيك عن زرع الألغام وتفخيخ منازل المواطنين المدنيين وبشكل خبيث، والعمليات الانتحارية والخطف والمقايضة وتهريب البشر والوقود لأجل تمويل أنفسهم بالسلاح والذخائر وغيره، كل هذه الأفعال لم تتحدث عنها هذه المؤسسات التي ما توقفت عن إظهار هذه الجماعات بمظهر الثوار المتدينين وأصاحب الحق، وتغاضت عن كل أخطائهم وتجاوزاتهم ودأبت هذه المواقع والقنوات ومحلليها وخبرائها السياسيين والعسكريين على تصوير معاركهم وعملياتهم الانتحارية ضد جنود القوات العربية الليبية المسلحة بأنها عمليات نوعية ويباركونها ويتشفون بمن يقتل ويجرح جرائها.

ولا يتحجج أحد بأن داعش وباقي التنظيمات الإرهابية في ليبيا ليسوا واحد بل هم واحد وعلى نفس العقيدة وبألسنتهم أقروا بأنهم تحالفوا معًا وخاضوا معارك ضد القوات المسلحة في بنغازي ودرنة وشاركوا معًا في الهجوم على المعسكرات في مدينة بنغازي والتنكيل وارتكبوا إعدامات ميدانية لكل عسكري عثر عليه داخل تلك المعسكرات، من ثم قالوا من يسمون أنفسهم بـ “ثوار” إنهم اكتشفوا غلو هذا التنظيم  وتشدده وفضوا التحالف معه لأجل ذلك، أي أحمق يمكنه أن يصدق هذا الادعاء وأي شخص يمكنه أن يتحالف مع هذا التنظيم الذي أظهر منذ خرج على الوجود تطرفه وغلوه ووحشيته في القتل والتنكيل والتمثيل، وكيف سمحوا لأنفسهم وهم الثوار أصحاب المباديء والأخلاق والشجاعة أن يتحالفوا مع تنظيم يستحي الشيطان نفسه أن يتحالف معهم، كيف ارتضوا أن يتحالفوا مع الأجانب من عناصر داعش  فقط لقتال أبناء بلدهم ومدينتهم من القوات المسلحة في مدينة بنغازي.

تركت المواقع والصفحات والقنوات الإعلامية التابعة والمؤيدة للجماعات الإرهابية كل ذلك وبدأت في شن حرب إعلامية ودعوات للمنظمات الحقوقية والقانونية والبكاء والعويل على مافعله جنود من القوات المسلحة العربية الليبية من تمثيل وتنكيل بجثث الجماعات الإرهابية رغم أن الأفعال الفردية التي ارتكبت من قبل بعض الجنود التابعين للقوات المسلحة العربية الليبية مرفوضة ومستهجنة ومستنكرة لدينا وفي كافة الأديان السماوية وفي الشرائع والقوانين الإنسانية وهي أعمال تشفي انتقامية فردية وتظل أعمالًا فردية لا تمثل المؤسسة العسكرية، أي أنها لا تعتبر توجهًا عامًا لهذه المؤسسة، إلا أن هذه الصور ومقاطع الفيديو استغلت من قبل الطرف الآخر لتشويه القوات المسلحة في حربها التي تخوضها مع هذه الجماعات الإرهابية منذ أعوام، وبدأوا في وصف القوات المسلحة بأبشع الأوصاف رغم أنها تمثل الأشخاص الذين قاموا بها، أما داعش ومن تحالف معها من إرهابيين فإنهم لايرون تلك الجرائم بأنها جرائم بل حدود وقصاص وجهاد، ولايرون أولئك البشر أنهم كالمغول والتتار في اجتياحهم لدول الإسلام في ذلك العهد بل يرونهم أبطالًا ومن أشرف القوم، “مالكم كيف تحكمون”.

المزيد من الأخبار

زر الذهاب إلى الأعلى