مواطنو سرت… بين الرضا وعدم الرضا من تعويضات الدمار إبان معارك التحرير

أخبار ليبيا24- خاص

مرت ثلاثة أعوام على ذكرى ثورة السابع عشر من فبراير ومر أكثر من عامين على انتهاء الحرب في ليبيا التي كانت آخرها في سرت وأشدها أعنفها ها نحن اليوم على مقربة من الذكرى الرابعة لتحرير البلاد من الظلم التي استمر الظلم فيها أربعة عقود ونيف عانى منها الشعب الليبي الويلات والقهر والظلم سنين عجاف قحاط وشهدت مدينة سرت أعنف الحروب التي خاضها الثوار ضد قوات النظام السابق وعلى إثرها دمرت مدينة سرت بنسبة 80 % وفقا بما ذكر به المسؤولين في تلك الساعة هجروا أهلها نتيجة اشتداد القتال ودمر أكثر من 18 ألف منزل بمدينة سرت، دفعت الحكومات المتعاقبة تعويضات للمتضررين من هذه الحرب فهل كانت هذه التعويضات مرضية للجميع، وهل كانت كفيلة بتطييب الجراح.

تقول خولة أحمد طالبة جامعية 21 سنة “إن التعويضات لم تنال رضى الجميع الضرر المعنوي كبير انتهاك حرمة المنازل أكبر شيء قاموا به ما يسمى بالثوار”، حسب قولها.

وتضيف منى ربة منزل 33 سنة “التعويضات لم تكن عادلة فلذلك توجد نقمة أو كره اتجاه من دخلوا سرت وانتهكوا حرمات الناس والبيوت لأن تعويض المال فقط لم يكن كافي وفي بعض الأحيان غير مجدي فالناس يريدون من يجبر يخفف عنهم أي من “يجبر بخاطرهم”.

ويؤكد أحمد العماري، رجل اعمال ومتزوج 37 سنة “انتهاك أعراض البشر وحرماتهم لا يعوضه المال ما يعوض هذا النوع من الضرر هو الاعتذار فالدية عند كرام الناس هي الاعتذار ولكن هيهات”.

الدكتور مصطفى طبيب عام 30 سنة يقول “بالنسبة للتعويضات لم تنل رضا الجميع وأما الضرر المعنوي والنفسي لا يعوضه شيء وبالنسبة لانتهاك المنازل يكفي قول الله تعالي (لا تدخلوا البيوت حتى تستأذنوا أهلها”.

بينما أحمد رب أسرة وأب لـ 8 أطفال 48 سنة موظف “هم مجبرين لقبول التعويض بحكم الحاجة إليه لأنهم فقدوا كل شيء”.

وأوضحت السيدة خديجة رضا 50 سنة ربة منزل “لن أسامح من انتهك حرمة منزلي بدون وجه حق وفتش وبعثر ممتلكاتي الخاصة أنا امرأة مسالمة ليس لي علاقة بأي شيء وانتهاك حرمة منزلي لا تقدر بثمن”.

 خيانة

بينما الطيب أحمد 26 سنة طالب جامعة يقول “أنا أعتبر انتهاك حرمة المنازل وتفتيش الممتلكات الخاصة خيانة عظمى المقاتلين اعطوا لنا الأمان وأمناهم على أرزاقنا ولم يكونوا على قدر المسؤولية خرجنا من بيوتنا فدخلوها وانتهكوا حرمتها”.

وفي اتجاه آخر يقول مدير المكتب السياسي بائتلاف 17 فبراير محمد المبروك “سرت القرية الظالم أهلها هي من دمرت نفسها، وأهلها هم براقش التي ذكرها المثل العربي أما التعويضات والمبالغ المجزية كانت أكثر من توقعاتهم”.

وأضاف المبروك “لا تنسى أن هناك مدن عانت من انتهاكات المتطوعين من سرت لمنازلهم وحتى أعراضهم من خلال جحافل القبائل الموجودة بها وما تعرضت له منازل سرت وأهلها تعرضوا له الزنتان والغزايا ونالوت ويفرن وغريان والزاوية وتاجوراء وفشلوم وشط الهنشير وسوق الجمعة والخمس وصبراتة ومصراته وإجدابيا وبن جواد وبنغازي ودرنه والبيضاء وكل المدن الثائرة التي طالتها أيادي القتلة والمجرمين من جحافل قبائل العهر والنفاق الشعبي وغيرها من المدن المؤيدة للقذافي”.

أمراض

وتضيف مسؤولة الشؤون الاجتماعية بسرت سمية 33 سنة “هناك أناس حدثت لهم أمراض نفسية وجسدية مثل مرض السكري والضغط نتيجة سماع أصوات القنابل والصواريخ المرعبة يتلقون في العلاج على نفقتهم الشخصية إلى حد الساعة وليس هناك حلول لهذه الفئه التي سببت لهم الحرب هذه الأمراض”.

ويرى المحامي والناشط الحقوقي مخلوف عكاشه 49 سنة متزوج “أن التعويضات كانت مرضية باعتقادي ولكن سوء الإدارة المحلية صنعت الفوضى وحدث سوء تقييم المنازل فهناك منازل تستحق وهناك منازل لا تستحق”.

وتابع عكاشة “أما عن انتهاك حرمات المنازل هذا الأمر طبيعي جدا فنحن في حالة فوضى وثورة والانتهاك كان في كل المناطق الليبية إذا كان الانتهاك حدث في منطقة واحدة فهذا يصبح ضيم وظلم وغير عادل”.

بينما تقول الناشطة السياسية سعاد 35 سنة ” التعويضات في سرت موضوع طويل جدا، حيث أننا ندخل على السنة الرابعة ولا يزال عدد كبير من الأهالي بمدينة سرت المتضررة مساكنهم لم يتحصلوا على قيمة التعويضات”.

الدولة لا تهتم

وتواصل حديثها “خير دليل سكان عمارة التأمين هذه العمارة والتي تحتوي على 96 شقة قصفها حلف الأطلسي يوم 16 سبتمبر 2011 وهي أول مبنى سكني دُمر بالكامل بعض سكانها في حاجة ماسة للتعويض فهم طيلة هذه الفترة يدفعون مبالغ كبيرة وعلى حسابهم الخاص في دفع الإجار للمساكن التي تأويهم”.

وأكدت الناشطة أن الدولة لم تتكفل بهم وذلك نتيجة أخطاء لجنة التعويضات ولجنة الحصر ومراقبة الإسكان والمرافق بالإضافة للعديد من الأخطاء والملاحظات على عمل لجنة التعويضات ولجنة 26 وهي لجنة فنية تابعة لجهاز مشروعات الإسكان والمرافق مكلفة من الوزارة.

وأوضحت سعاد أن الأخطاء كانت في سوء تقدير التعويضات حيث هناك مساكن أضرارها بسيطة قدرت بقيم أكبر من مساكن أضرارها كبيرة، إضافة إلى أن هناك أرقام خاصة بالتعويض وهمية تجاوزات لجنة 26 .

وذكرت أنه تم منح الجزء الثاني من قيمة التعويض لمن قٌرر لهم إزالة مساكنهم للضرر الجسيم قبل إزالة المسكن وهناك من رفض الإزالة ليستفيد من القيمة العالية للتعويض.

ملاحظات وتجاوزات

وتابعت الناشطة “هناك العديد من الملاحظات على عمل لجنة التعويضات ويبقى التعويض المادي لا يساوي شيئ أمام انتهاك حرمة المنازل فهناك نسبة لابأس بها من المواطنين الذين سيرفعون قضايا تحت مسمى انتهاك الحرمات دون وجه حق فالعديد يجيب نفس الجواب ما علاقة بيتي في الحرب”.

وأفادت “أنه مهما اختلفنا مع الطرف الآخر ومهما قام من عبث من هذا الطرف للطرف الآخر لا يحق له انتهاك حرمة البيوت تحت أي ظرف كان ولا يمكن جبره بأي تعويض فهذا الفعل تنهى عنه تعاليم ديننا الحنيف”.

وأكدت سعاد أن مدينة سرت لازالت تعاني العديد من الأضرار نتيجة حرب التحرير في أكتوبر 2011 فتشاهد العديد من المنازل والمرافق الحكومية المدمرة وعليها آثار الحرب، لافتة إلى أن أهالي سرت يأملون من الحكومة الإسراع في صرف مستحقاتهم المالية.

وأشارت إلى أن أحد المسؤولين بمدينة سرت صرح أنه ليس هناك قرار ينص على إيقاف تعويض أي مواطن بحجة أنهم من “الأزلام”، لافتا إلى أن هناك فقط بعض المنازل تحت وضع يد الحارس العام أما غير ذلك فتبقى مجرد حسابات وخلافات شخصية يقوم بها بعض المحسوبين على ثورة فبراير.

عدم المساواة

على بو عثمان 28 سنة، إعلامي يقول “هناك أناس أخذت تعويضا أكثر من حقها في حين ظلم غيرها، وموضوع “الأزلام” شائك لأن الدولة اعتمدت التعويض ولا يوقف إلا بقرار من النائب العام أو الوزارة فلذلك يصرف له لأنه مواطن ليبي و لا يحق إلا للدولة إيقافه”.

ويكشف المهندس فرج الدروعي 45 سنة “أن التعويضات تم التلاعب لها بشكل فضيع”، مضيفا أن “التمشيط” لفظ عسكري مقصود حماية ظهر أي قوات متحركة في اتجاه معين الذي حصل في سرت قبل ثلاثة أعوام هو في جزء منه كان تمشيط وهو حق، ولكن الجزء الأكبر كان نهب واعتداء غير مبرر على أرزاق الناس.

وأضاف الدروعي “أن السلطات المحلية يجب أن تحدد هؤلاء “الأزلام” مع ضمان حقوقهم، هم وأسرهم بعد الاقتصاص، ومن ناحية الرضا على التعويضات أزعم أن الأغلبية راضون بها ،ويجب أن يكون هناك أقلية غير راضية لأسباب مختلفة”.

14500 صك

ومن جهته، يقول مدير المكتب الإعلامي بالمجلس المحلي سرت، محمد الأميل، إن المجلس المحلي سرت صرف قرابة 14500 صك والتي بدأ صرفها في سنة 2012 لأصحاب المساكن المتضررة نتيجة الحرب في أكتوبر 2011 وتقدر بمئات الملايين.

وأضاف الأميل، لازال هناك أكثر من 5000 مسكن لم يستلم أصحابها تعويضاتهم بعد بسبب أوضاع البلاد الحالية، لافتا إلى أن اللجنة الفنية التابعة لجهاز الإسكان والمرافق قررت إزالة قرابة 2000 منزل من منازل مدينة سرت وتم إزالة قرابة الالف منزل.

وتابع مدير المكتب الإعلامي “هناك العديد من المواطنين لم يستملوا الجزء الثاني من المبلغ المالي المخصص لهم بسبب تأخر الموازنة نتيجة عدم استقرار وضع البلاد السياسي والمجلس المحلي سرت يتابع باستمرار ملف التعويضات”.

وأكد الأميل، أن محلي سرت يطالب الحكومة بالإسراع في صرف هذه التعويضات نظرا لما يعانيه أهالي مدينة سرت من ويلات ومأسي في الصيف والشتاء، داعيا الحكومة الإسراع في تعويض أصحاب هذه المساكن المتضررة نتيجة حرب التحرير.

Exit mobile version