أهالي زليتن يتنفسون الإسمنت

10357807_743465379030659_2196043343094088737_n

ليبيا24- خاص

تُعد صناعة الإسمنت إحدى الصناعات المُلوثة للبيئة بشكل خطير، حيثُ أثبتت تقارير علمية أن هذه الصناعة لا تُسبب مخاطر ومشاكل صحية للعاملين فيها وحسب، بل حتى للسكان المُحيطين بالمصانع نتيجة غبار الإسمنت ورذاذ الغازات المُنبعثة.

وتطلق فوهات مداخن مصانع الإسمنت غبار الكلنكر وأكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين والهيدروجين وغيرها من الغازات أثناء عملية تصنيع الإسمنت، الأمر الذي يُشكل خطورة على كل من يستنشق هذه الغازات.

وتُمثل مدينة زليتن التي تبعد حوالي 150 كيلومتراً عن العاصمة طرابلس، إلى الشرق، أكثر مدن البلاد تصنيعاً لمادة الإسمنت، إذ يوجد بها أكبر مصنعين في هذا المجال، ناهيك عن أن السلطات المحلية في زليتن وافقت المدة الماضية على إنشاء مصنع جديد للإسمنت يقع داخل الحدود الإدارية للمدينة.

أضرار تطال قيعان البحار

يقول خبير بيئي إن الدراسات المُتعلقة بحصر أضرار صناعة الإسمنت أفضت إلى أن الأغبرة المُنبعثة من مداخن المصانع تُلحق أضراراً بالأراضي الزراعية وحتى قيعان البحار ، خاصة عندما تُنشئ مصانع الإسمنت بالقرب من الأراضي الزراعية أو البحر، إذ تتشكل طبقة رغوية شبه هلامية تُحدث أضراراً بالثروة البحرية.

وأوضح أن من أهم الأمراض التي تتسببها صناعة الإسمنت سواء للعاملين بالمصانع أو القاطنين بالقرب منها، مرض السيليكوز والسعال وضيق التنفس والربو الشعبي وانتفاخ الرئتين والتأثير على عمل الأغشية المخاطية للأنف.

شركات متخصصة

ويُقلّل مدير قسم الأمن الصناعي والبيئة بمصنع البرج للإسمنت في زليتن عبد العظيم بن حليم من أهمية الدراسات التي تُشير إلى إضرار صناعة الإسمنت بالبيئة وبصحة الإنسان قائلا “إن دخول شركات متخصصة بمواصفات أوروبية قضى على كل هذه المخاوف”.

ويُضيف بن حليم أن المصنع الذي يعمل فيه تعاقد مع شركة دنماركية متخصصة بشأن اعتماده المواصفات القياسية والمعايير الأوروبية في عملية التصنيع بما لا يدع مجالاً للإضرار بالبيئة.

وأوضح مدير قسم الأمن الصناعي والبيئة، أنه لم تأتِ أي جهة رسمية لمراقبة المصنع أو الاستفسار عن المعايير والشروط التي يسير العمل بالمصنع وفقها.

سخط المُواطنين

وأبدى أحد المُواطنين القاطنين بالقرب من مصنع للإسمنت بزليتن امتعاضه لكون مثل هذه المصانع تُنشئ بالقرب من أحياء سكنية.

ولفت المواطن إلى أن معظم السكان أضحوا يُعانون من أمراض صدرية، وهو من بينهم، متسائلا بغضب “ما ذنبنا لنستنشق سموماً مُنبعثة من مصانع الإسمنت دون حسيب أو رقيب”

وأوضح أنه لا يخفى على أحد طبقات الغبار التي تتراكم على الأرض والأشجار، مُعرباً عن أسفه لموافقة السلطات المحلية في زليتن مؤخراً على إنشاء مصنع جديد للإسمنت لا يستفيد منه إلا المجلس المحلي للمدينة والتجار، على حد قوله.

محلي زليتن يفرض شروطاً

ومن جهته، أكد رئيس مجلس محلي زليتن المحلي عبد المنعم الصاري السابق، أن المجلس وضع دراسة قبل نحو عام من الآن بخصوص إنشاء المصنع الجديد الذي أذن المجلس بإنشائه مؤخراً.

ونبّه الصاري، إلى عدم موافقة المجلس على إنشائه إلا بعد إلزام الشركة المُتعاقد معها بتطبيق المعايير التي تضمن عدم المساس بالبيئة، لافتاً إلى أن ذات المعايير ستُطبق حتى على المصانع القديمة، وأن من يخل بتطبيق هذه المعايير سيُغلق مصنعه على الفور.

وأشار إلى أن عوائد مصانع الإسمنت لا تعود لمدينة زليتن وحدها بل لكل مدن ليبيا ، وليس للمدينة إلا نسبة تتحصل عليها كغيرها من المدن.

و أخيرا، يجد أهالي زليتن أنفسهم بين طرفي كماشة إذ يصعب الاختيار في هذه الحالة بين أن يسيطر رجال أعمال المدينة على سوق مواد البناء في ليبيا، الأمر الذي يخلق مزيداً من فرص العمل للسكان وبين ما قد تُسببه هذه الصناعة من أضرار محققة على الإنسان والبيئة على المدى القريب والبعيد.

Exit mobile version